آخر الأخبار
Loading...
الأربعاء، 14 أغسطس 2013

Info Post
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

عبد الناصر عندما تُوفي، رحمه الله، لم يجمع 40 مليون مصري في جنازته، وطبعا لم يجمعهم في حياته. السيسي جمعهم يوم أن نادى الشعب المصري للخروج طلبا لتفويضه لمقاومة الإرهاب والإرهاب المحتمل. هل السيسي أعظم من عبد الناصر؟ سؤال تافه ولا أقصد أبدا المقارنة. عبد الناصر لم يفوضه الشعب لإصدار قوانين الإصلاح الزراعي، ولم يفوضه أيضا لتأميم قناة السويس.
عبد الناصر، في تقديري من أعظم زعماء القرن بكل تأكيد وهذه ليست شهادتي بل شهادة التاريخ. ومع ذلك فعبد الناصر ارتكب أخطاءً أعظمها أنه ساق الشعب المصري ولم يعلمه الديمقراطية، بالإضافة إلى أنه جعل مؤسسات الدولة تسوق الشعب المصري أيضا بالبيروقراطية العقيمة القاهرة التي تتماشى مع الدكتاتورية، ولم يكن في قاموس عقله الإداري شيء اسمه اللامركزية.
وبالرغم من أن معظم المحللين السياسيين يقولون أن العدالة الاجتماعية هي أعظم ما حققه عبد الناصر، فدعني أحكي لكم هذه الواقعة الصغيرة. في حرب الاستنزاف وبالتحديد عام 1969م، أَخَذْتُ المرحومة والدتي في سيارتي الأمريكية الفخمة التي أحضرتها معي من أمريكا بعد الدراسة هناك (موديل 68)، أخذت والدتي العجوز وذهبنا لقريتنا كفر عزام مركز السنبلاوين دقهلية من الإسكندرية ذهابا وعودة حيث رجعت الإسكندرية الساعة الثالثة بعد الظهر من نفس اليوم، لماذا؟ لكي نحضر من القرية "ملح حصى، أي خشن" حيث أن الملح كان غير موجود بالمحلات في هذا الوقت. الخلاصة هنا أنني قلت عبارةً أُنَفس بها عن ضيقي بالأوضاع آنذاك، فقلت لوالدتي "والله يا أمي لو أننا كلنا نأكل عيش وملح خشن زي اللي معانا ده لما شعرت بهذا الضيق أبدا." الخلاصة ثانيا أن عصر عبد الناصر لم يخلو من الفساد وعدم العدالة الاجتماعية. آسف للإطالة هنا.
المهم، في صفحة كاملة من المصري اليوم واليوم بالذات وتحت عنوان كبير "كلهم في النار..!!" يطلق الأستاذ وحيد حامد، المحترم جدا والكاره جدا لأعمال الإخوان المسلمين، شأنه في ذلك شأن السواد الأعظم من الشعب المصري وأنا بالذات على رأس القائمة، يطلق النار على أعضاء الحكومة الحالية مدعيا أنهم ابتلاءٌ لمصر لأنهم قوم فقدوا الصلاحية وانتهى عمرهم الافتراضي.. وليست لديهم أي قدرة على الفعل أو حتى اتخاذ القرار، إدارة واهنة هشة لا تنقذ وطنا أمام ثورة قام بها شباب ويقضي عليها عواجيز الفرح.
أقسم بالله يحزنني قولك يا أستاذ وحيد فهو قول لا يليق بمقامك السامي. الحكومة هذه أكفأ مَنْ في مصر الآن، وإن كنت تقول عنها ذلك، فأنت إذن تقول عن مصر وشعبها أسوأ من ذلك. الأستاذ وحيد حامد يتخذ البرادعي كبش فداء، ويقول عنه للأسف كثيرا مما يقوله مرتضى منصور أو زعيم الفراعين عكاشة. ثم لم يكن لديه من الشجاعة ما يجعله يواجه السيسي ذي الأربعين مليون مشجعا، حيث قال له فقط جملة هي ما بين اللوم والمدح والخوف والدعوة للتهور "قدرك أيها الرجل أن تكون بطلا .. أو .. شهيدا .. وأنت الذي أقسم على النصر أو الشهادة."
هل تعتقد يا أستاذ وحيد أن السيسي يريد أن يَدُك رابعة والنهضة وسيناء على رؤوس أصحابها ويثلج بذلك صدرك وصدور المستأسدين أمثال سيادتك، ويمنعه من ذلك البرادعي أو الببلاوي أو منصور أو جميعهم أو بعضهم؟ لو كان الأمر كذلك ما استحق السيسي الأربعين مليون مشجعا. ثم هل يحتاج وزير الداخلية تفويضا لحفظ الأمن الداخلي، واجبه الأساسي؟
من الآخر يا أستاذ وحيد سأقول لك قولا يريحك جدا، أنت والمستأسدين أمثالك. إذا نجحت الحكومة الحالية في لم الشمل والخروج من هذا المأزق اللعين، وتم عمل الدستور وجاء وقت الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حينئذ اذهب وشارك ولا تنتخب نائبا له صلة بالإخوان أو السلفيين، ناهيك عن كونه كذلك. حينئذ فقط تصح للمرة الأولى كلمة "الحل في الصندوق" الذي صدعنا به الإخوان والسلف والمتعاطفون معهم. حينئذ نصيح جميعا "تحيى الديمقراطية"، وحينئذ أيضا نعيد الصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما نتذكر موقفه في صلح الحديبية وموقف حفيده الحسن رضي الله عنه مع معاوية.
الخلاصة: نقطتان فقط أقولهما للأستاذ وحيد حامد حتى يهدأ هو والمستأسدون ويفكروا في عمل شيء إيجابي:
1. اجتمع مجلس الدفاع الوطني (رئيس الجمهورية + وزير الدفاع + وزير الداخلية + وزير الخارجية + وزير الإعلام + وزير المالية + قادة الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة..) اجتمع هذا المجلس ثلاث مرات على الأقل لمناقشة فض اعتصامي رابعة والنهضة، ثم عرض تقريره على المجلس الأساسي وهو مجلس الأمن القومي (رئيس الجمهورية، البرادعي، الببلاوي ونائبه الأول، السيسي، ابراهيم، ووزير المالية) وهو المجلس صاحب القرار النهائي. لا أنت يا أستاذ وحيد ولا أنا ولا حتى الأستاذ هيكل بمركزه البحثي العالمي لديه المعلومات المتوافرة لدي هذين المجلسين، فلماذا لا نثق في حكمة قرارهم، ونفترض نحن أننا أصحاب الرأي الحق وأصحاب الحقيقة المطلقة؟ آراؤنا، أنت وأنا وغيرنا، مجرد آراء فردية لا يجب أن نكيل الاتهامات على أساسها، ولنا أن نبديها ولكن دون التدني للأوصاف الشخصية.
2. القرار الحكيم يا أستاذ وحيد يتم اتخاذه بعد مناقشة وعصف ذهني وتفاعل تآزري بين رؤى المختصين والحكماء والقادة حول أربع جوانب لهذا القرار المحتمل وهي: المزايا أو نقاط القوة في القرار، العيوب أو المساوئ أو نقاط الضعف المتعلقة بالقرار، عوامل النجاح والفرص المتاحة الممكن استغلالها لنجاح القرار وتحقيق أهدافه، ورابعا وأخيرا عوامل التهديد والتعويق المحتملة أمام نجاح القرار. أستاذ وحيد لسنا في عصر هرقل، ولا هتلر، ولا عبد الناصر، ولا ماوتسي تونج، ولا غاندي. العالم أصبح عالم مؤسسات، وأنت أدرى الناس بذلك، فالمسلسل الناجح لم يعد ذا بطل واحد. العراف كانت أبطاله عديدة عادل إمام، حسين فهمي، وجميع الشباب أولاد عادل إمام..ناهيك عن المؤلف والسيناريست والمصور والمخرج بل وعامل الأوفيس. مش كده والا إيه؟ وقطعة عاطفة كده في آخر المقال.... ألا يدفعك الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي للرئيس بِسَمْتِه الجميل وحكمته البالغة والدكتورة درية شرف الدين والأستاذ أحمد المسلماني للأمل في هذه الحكومة؟ أستاذ وحيد، أخيرا، والحمد لله بالرغم من آلام المخاض الصعبة، بزغ الفجر ليلة القدر، فهنيئا لك يا مصر وتهانينا لشعبها الحبيب.

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد