بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
الإخوان وأذنابهم يمثلون 10% من مجمع الناخبين المصريين، والرجعيون (عبيد النظام السابق وسادته) يمثلون أيضا 10% من مجمع الناخبين المصريين، كما أظهرت المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، ويبقى 80% يمثلون الثوريين الوطنيين المصريين المخلصين الشجعان.
ومع الأسف الشديد، يختلف التوصيف تماما عندما نتغاضى عن معيار العدد، ونركز على معيار القوة والتأثير الفعلي.
الإخوان يزداد نصيبهم من 10% إلى 30% بالرغم من قلة عددهم (حوالي نصف مليون نسمة)، والرجعيون يقفز نصيبهم من 10% إلى 60% حيث يمثلون النظام الحاكم ودولته العميقة (الجيش والمخابرات والشرطة والإقطاع الحكومي ومصاصي الدماء من رجال الأعمال المتوحشين)، وينحدر نصيب الثوريين من 80% عددا إلى 10% فقط قوة وتأثيرا.
بهذه المعادلة من مكونات القوة والتأثير أدار المجلس العسكري المرحلة الانتقالية لكي تُوزع ثمار الثورة الينايرية الحبيبة حسب قوة التأثير.
فالمجلس العسكري الآن يمتلك السلطة التنفيذية والتشريعية ويشرف على القضائية، والإخوان في انتظار مقعد الرئاسة، إذا فازوا به، والذي جرد من معظم سلطاته التقليدية المعروفة .
أما الثوار والوطنيون المخلصون الشجعان فقد جلسوا جاحظي الأعين، مكتئبين، ويائسين. أي عدل هذا أيها المجلس "الموقر"، وأي أخلاق هذه أيتها الجماعة "الوطنية"؟
أطالب الحبيب الدكتور أحمد السيد النجار ومن يختاره معه من العلماء الاجتماعيين (الاقتصاديين والاجتماعيين والسيكولوجيين والسياسيين والأنثروبولوجيين والتاريخيين) أن يُقَيٌموا كما ونوعا كم خسرت مصر في هذه المرحلة الانتقالية الانتقامية، ولتسمع هذه الكلمة العجيبة التي سمعتها ممن أثق في علمهم وصِلاتهم أن حملة الفريق شفيق فقط تكلفت مليارات. صدق أو لا تصدق، أنت حر. طبعا الخسارة ليست أموالا فقط صرفت في الحرام، أو هربت، أو دفعت مشترياتٍ لأسلحة القمع ورشاوي لموظفي الدولة العميقة في جميع قطاعاتها، فكم من فرص استثمارية تم ضياعها، وكم من كساد اقتصادي في جميع قطاعات الاقتصاد الزراعية والصناعية والخدمية، وكم من تدمير للأصول الرأسمالية للدولة، وكم من تمزق اجتماعي وانهيار خلقي وعناء سيكولوجي.... وأكمل أنت أيها القارئ العزيز ما شئت إذ "ياما في الجراب يا حاوي".
وقبل أن أنتقل إلى الحديث عن "ما العمل"، سأذكر نموذجا راقيا جدا جدا من ضياع الهدف وتشرذم التوجه بين أرقى المثقفين المصريين الذين هم أساتذة لي بكل تأكيد. الدكتور يحيى القزاز يهاجم الدكتور البرادعي في مقال بعنوان "سيدي البرادعي أستحلفك بالله اصمت" ينتقده لعدم الجهاد في الميدان وكثرة السفر وترك الثوار وأسلوب العمل "بالشوكة والسكينة" (دي من عندي) ثم في النهاية يسأله سؤالا استنكاريا أحزنني كثيرا جدا جدا جدا حيث يسأله "هل لك أن تعلن عن موقفك من الكيان الصهيوني؟" هذه واحدة، ثم أنظر إلى العكس تماما، حيث كتب الدكتور طارق الغزالي حرب منذ ثلاثة أيام تقريبا مقالا عنوانه "الرئيس محمد البرادعي" يقول في الرجل ما يستحقه فعلا وما يتقاطب تماما مع الدكتور يحي القزاز، وكلاهما قامات عظمى، ثم مشهد مرتبط ثالث يحادثني فيه عزيز قدير، رئيس تحرير إحدى الصحف الإلكترونية الكبيرة مستعلما ومعاتبا لي لماذا لا أعطي حركة كفاية ما تستحق من تقدير تاريخي لدورها في صناعة الثورة المصرية، ثم أيضا يتعجب من تأييدي للبرادعي الذي يقدره هو ولكن ينتقده أيضا ولكن ليس بطريقة الدكتور القزاز.
الغرض من هذه الملحوظة الأخيرة، هو إظهار أن الإجابة على سؤال "ما العمل؟" يتطلب أولا أن نتوحد نحن قادة الرأي ونتخلى عن حسابات ومحاسبات وتقييمات وملومات بعضنا البعض ونحارب النزعة الأثرية، ونتوخى النزعة الإيثارية، ونركز على سبيل مواجهة الهجمة الرجعية (الثورة المضادة) والسطوة الإخوانية الفاشية، ونجاهد من أجل إحياء وتفعيل وتنمية وتطوير التيار الوطني الثالث، واعذرني قارئي العزيز، عندما أقول أو أقترح "بقيادة البرادعي وحمدين"، ولن أسترسل في تبرير ذلك، وأنا أعلم أن العظام أمثالهما تماما كالدكتور حسام عيسى والدكتور غنيم والدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور أبو الغار وغيرهم كثير لن يختلفوا على هذه التسمية أو ذلك الاقتراح.
لا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال التنظيم، فالتنظيم قوة، تفسر غلبة الفئة القليلة المنظمة على عدوتها الكبيرة المتفككة. لقد طَبَعْت بالفعل نماذج التوكيل لحزب الدستور وسأتقدم بها للشهر العقاري، وأرجو كذلك من المواطنين الثوريين أن يفعلوا ذلك لنُكون أكبر حزب في تاريخ مصر، وربما في التاريخ عموما. وأذكر فيما يلي بعض الملاحظات المتعلقة بهذا التوجه:
1. يفكر الرجعيون بقيادة شفيق أن يكونوا حزبا، ولن يهدأ التيار السياسي الإسلامي إلا أن يكون حزبا، وهذا من حقه، في حالة إجهاض المجلس العسكري للأحزاب الدينية عند فشل تحالفاته أو مفاوضاته مع الإخوان حاليا كما قال بعض قياداتهم، وبالتالي فإننا أمام ديناصورين اثنين ولا يمكن أن يواجههما إلا ديناصور أكبر منهما، ومن ثم فعلى الأحزاب الثورية الوطنية التي ربما تزيد حاليا عن اثني عشر حزبا أن تتحد وتنصهر في حزب واحد، وليسمى ما يسمى "الدستور" أو "مصر" أو "حزب الشعب"، أيا كان.
تعدد الأحزاب الوطنية يفقدها قوتها، فنحن في مصر نسيء جدا العمل الجماعي التعاوني، ويتسبب التعدد في مشكلة عبادة الحزب والمحافظة عليه والتميز الخاص به والانجذاب لمكاسب قياداته.
2. التأكيد على شمول الحزب لطوائف الدولة كلها وخاصة الأقباط والنساء ورجال الأعمال الوطنيين واصطباغ العضوية بالشبابية من كلا الجنسين والالتفاف حول برنامج مبسط للحزب يمثل أهداف الثورة الينايرية الحبيبة ببساطة شديدة.
3. التأكيد على استنفار الموارد وتنميتها سواء الموارد المادية من خلال اشتراكات العضوية السنوية أو الشهرية والتبرعات النقدية والعينية بالإضافة إلى الموارد البشرية من حيث استقطاب العلماء في الداخل والخارج والارتباط بالمنظمات المدنية الداخلية والعالمية لكسب الخبرات وتنمية القدرات.
4. إقامة قناة فضائية خاصة بالحزب، والعمل على مستوى القاعدة والمساهمة في التنمية المحلية الريفية والحضرية على السواء وليس مجرد توزيع السكر والزيت، وأنادي هنا الدكتور عمرو حمزاوي والدكتور عمرو خالد أن يتوقفا عن إنشاء حزبيهما ويندمجا في حزب التيار الوطني، فيد الله مع الجماعة، وهذا هو التدين الحق.
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
الإخوان وأذنابهم يمثلون 10% من مجمع الناخبين المصريين، والرجعيون (عبيد النظام السابق وسادته) يمثلون أيضا 10% من مجمع الناخبين المصريين، كما أظهرت المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، ويبقى 80% يمثلون الثوريين الوطنيين المصريين المخلصين الشجعان.
ومع الأسف الشديد، يختلف التوصيف تماما عندما نتغاضى عن معيار العدد، ونركز على معيار القوة والتأثير الفعلي.
الإخوان يزداد نصيبهم من 10% إلى 30% بالرغم من قلة عددهم (حوالي نصف مليون نسمة)، والرجعيون يقفز نصيبهم من 10% إلى 60% حيث يمثلون النظام الحاكم ودولته العميقة (الجيش والمخابرات والشرطة والإقطاع الحكومي ومصاصي الدماء من رجال الأعمال المتوحشين)، وينحدر نصيب الثوريين من 80% عددا إلى 10% فقط قوة وتأثيرا.
بهذه المعادلة من مكونات القوة والتأثير أدار المجلس العسكري المرحلة الانتقالية لكي تُوزع ثمار الثورة الينايرية الحبيبة حسب قوة التأثير.
فالمجلس العسكري الآن يمتلك السلطة التنفيذية والتشريعية ويشرف على القضائية، والإخوان في انتظار مقعد الرئاسة، إذا فازوا به، والذي جرد من معظم سلطاته التقليدية المعروفة .
أما الثوار والوطنيون المخلصون الشجعان فقد جلسوا جاحظي الأعين، مكتئبين، ويائسين. أي عدل هذا أيها المجلس "الموقر"، وأي أخلاق هذه أيتها الجماعة "الوطنية"؟
أطالب الحبيب الدكتور أحمد السيد النجار ومن يختاره معه من العلماء الاجتماعيين (الاقتصاديين والاجتماعيين والسيكولوجيين والسياسيين والأنثروبولوجيين والتاريخيين) أن يُقَيٌموا كما ونوعا كم خسرت مصر في هذه المرحلة الانتقالية الانتقامية، ولتسمع هذه الكلمة العجيبة التي سمعتها ممن أثق في علمهم وصِلاتهم أن حملة الفريق شفيق فقط تكلفت مليارات. صدق أو لا تصدق، أنت حر. طبعا الخسارة ليست أموالا فقط صرفت في الحرام، أو هربت، أو دفعت مشترياتٍ لأسلحة القمع ورشاوي لموظفي الدولة العميقة في جميع قطاعاتها، فكم من فرص استثمارية تم ضياعها، وكم من كساد اقتصادي في جميع قطاعات الاقتصاد الزراعية والصناعية والخدمية، وكم من تدمير للأصول الرأسمالية للدولة، وكم من تمزق اجتماعي وانهيار خلقي وعناء سيكولوجي.... وأكمل أنت أيها القارئ العزيز ما شئت إذ "ياما في الجراب يا حاوي".
وقبل أن أنتقل إلى الحديث عن "ما العمل"، سأذكر نموذجا راقيا جدا جدا من ضياع الهدف وتشرذم التوجه بين أرقى المثقفين المصريين الذين هم أساتذة لي بكل تأكيد. الدكتور يحيى القزاز يهاجم الدكتور البرادعي في مقال بعنوان "سيدي البرادعي أستحلفك بالله اصمت" ينتقده لعدم الجهاد في الميدان وكثرة السفر وترك الثوار وأسلوب العمل "بالشوكة والسكينة" (دي من عندي) ثم في النهاية يسأله سؤالا استنكاريا أحزنني كثيرا جدا جدا جدا حيث يسأله "هل لك أن تعلن عن موقفك من الكيان الصهيوني؟" هذه واحدة، ثم أنظر إلى العكس تماما، حيث كتب الدكتور طارق الغزالي حرب منذ ثلاثة أيام تقريبا مقالا عنوانه "الرئيس محمد البرادعي" يقول في الرجل ما يستحقه فعلا وما يتقاطب تماما مع الدكتور يحي القزاز، وكلاهما قامات عظمى، ثم مشهد مرتبط ثالث يحادثني فيه عزيز قدير، رئيس تحرير إحدى الصحف الإلكترونية الكبيرة مستعلما ومعاتبا لي لماذا لا أعطي حركة كفاية ما تستحق من تقدير تاريخي لدورها في صناعة الثورة المصرية، ثم أيضا يتعجب من تأييدي للبرادعي الذي يقدره هو ولكن ينتقده أيضا ولكن ليس بطريقة الدكتور القزاز.
الغرض من هذه الملحوظة الأخيرة، هو إظهار أن الإجابة على سؤال "ما العمل؟" يتطلب أولا أن نتوحد نحن قادة الرأي ونتخلى عن حسابات ومحاسبات وتقييمات وملومات بعضنا البعض ونحارب النزعة الأثرية، ونتوخى النزعة الإيثارية، ونركز على سبيل مواجهة الهجمة الرجعية (الثورة المضادة) والسطوة الإخوانية الفاشية، ونجاهد من أجل إحياء وتفعيل وتنمية وتطوير التيار الوطني الثالث، واعذرني قارئي العزيز، عندما أقول أو أقترح "بقيادة البرادعي وحمدين"، ولن أسترسل في تبرير ذلك، وأنا أعلم أن العظام أمثالهما تماما كالدكتور حسام عيسى والدكتور غنيم والدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور أبو الغار وغيرهم كثير لن يختلفوا على هذه التسمية أو ذلك الاقتراح.
لا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال التنظيم، فالتنظيم قوة، تفسر غلبة الفئة القليلة المنظمة على عدوتها الكبيرة المتفككة. لقد طَبَعْت بالفعل نماذج التوكيل لحزب الدستور وسأتقدم بها للشهر العقاري، وأرجو كذلك من المواطنين الثوريين أن يفعلوا ذلك لنُكون أكبر حزب في تاريخ مصر، وربما في التاريخ عموما. وأذكر فيما يلي بعض الملاحظات المتعلقة بهذا التوجه:
1. يفكر الرجعيون بقيادة شفيق أن يكونوا حزبا، ولن يهدأ التيار السياسي الإسلامي إلا أن يكون حزبا، وهذا من حقه، في حالة إجهاض المجلس العسكري للأحزاب الدينية عند فشل تحالفاته أو مفاوضاته مع الإخوان حاليا كما قال بعض قياداتهم، وبالتالي فإننا أمام ديناصورين اثنين ولا يمكن أن يواجههما إلا ديناصور أكبر منهما، ومن ثم فعلى الأحزاب الثورية الوطنية التي ربما تزيد حاليا عن اثني عشر حزبا أن تتحد وتنصهر في حزب واحد، وليسمى ما يسمى "الدستور" أو "مصر" أو "حزب الشعب"، أيا كان.
تعدد الأحزاب الوطنية يفقدها قوتها، فنحن في مصر نسيء جدا العمل الجماعي التعاوني، ويتسبب التعدد في مشكلة عبادة الحزب والمحافظة عليه والتميز الخاص به والانجذاب لمكاسب قياداته.
2. التأكيد على شمول الحزب لطوائف الدولة كلها وخاصة الأقباط والنساء ورجال الأعمال الوطنيين واصطباغ العضوية بالشبابية من كلا الجنسين والالتفاف حول برنامج مبسط للحزب يمثل أهداف الثورة الينايرية الحبيبة ببساطة شديدة.
3. التأكيد على استنفار الموارد وتنميتها سواء الموارد المادية من خلال اشتراكات العضوية السنوية أو الشهرية والتبرعات النقدية والعينية بالإضافة إلى الموارد البشرية من حيث استقطاب العلماء في الداخل والخارج والارتباط بالمنظمات المدنية الداخلية والعالمية لكسب الخبرات وتنمية القدرات.
4. إقامة قناة فضائية خاصة بالحزب، والعمل على مستوى القاعدة والمساهمة في التنمية المحلية الريفية والحضرية على السواء وليس مجرد توزيع السكر والزيت، وأنادي هنا الدكتور عمرو حمزاوي والدكتور عمرو خالد أن يتوقفا عن إنشاء حزبيهما ويندمجا في حزب التيار الوطني، فيد الله مع الجماعة، وهذا هو التدين الحق.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate