عـــــادل حمـــــودة يكتـــــب : «قائـــــمة» مجــــــرمى الــــــرأى
Info Post
كل يوم يمر على رؤساء تحرير الصحف المستقلة والحزبية يؤكد مقولة يوسف إدريس الشهيرة «كل الحرية المتاحة لنا لا تكفى نصف كاتب واحد». والجريمة والخديعة أننا نتوهم أن أقلامنا حرة فى إنجاب كلمات شجاعة.. جريئة لا يقطع أحد الطريق على رجولتها بنصل حاد لا يستخدم إلا فى مذابح الماشية ومجازر القتل الجماعى ونشعر جميعاً أن النظام السياسى يعانى متاعب لا يقوى على تجاوزها فى وقت حرج يجد فيه شرعيته الفعلية مهددة بانصراف الغالبية عنها.. لكنه بدلاً من أن يقف ويتغير ويقرب من البشر الذين يحكمهم يسعى جاهداً لضرب كل صحيفة تعبر عنهم.. وفضائية تعرض معاناتهم، وجمعية أهلية تتظاهر للتعبير عنهم. ولو كانت كتلة الصحافة المستقلة والحزبية - الأكثر فاعلية فى التواصل مع الرأى العام - قد كافحت بالاحتجاج والاحتجاب للنجاة من السجن فى قضايا السب والقذف.. فإنها فى الحقيقة كانت كمن ينجو من مطب صغير ليقع فى مأزق كبير.. فقد فتحت ترسانة ثقيلة من القوانين سمحت بالاقتراب من زنازين السجون لكل من يكتب حرفاً.. ويصيغ رأياً.. وينشر تحقيقاً.
لقد قُدمت لمحكمة الجنايات بتهمة إهانة مؤسسة من مؤسسات الدولة، وقُدمت إلى محكمة الجنح بتهمة نشر أخبار من شأنها إثارة البلبلة وتكدير السلم العام.. وقُدم رئيس تحرير «صوت الأمة» وائل الإبراشى إلى محكمة الجنايات بتهمة التحريض على عصيان القوانين.. ومثل رئيس تحرير «المصرى اليوم» مجدى الجلاد، ورئيس تحرير«اليوم السابع» خالد صلاح أمام النيابة بتهمة نشر مذكرة قضائية انتهت فيها النيابة العامة بالتصرف.. وانضمت «الشروق» إلى قائمة «مجرمى الرأى».. فوجد حمدى قنديل نفسه متهماً فى بلاغ قدمه وزير الخارجية. ووجد محررها صابر مشهور نفسه متهماً بالتعرض للحياة العائلية الخاصة لوزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان الذى سينجو بالقطع من كل ما فعل وما نُسب إليه.. وفى صحيفة «الدستور» التى وصل رئيس تحريرها إبراهيم عيسى إلى السجن فعلاً ثم نجا منه بمعجزة، اتهم مفيد شهاب الدكتور نبيل فاروق بالسب والقذف وهو كرم نحمد الله عليه.. فالعقوبة غرامة لا سجناً، بجانب بلاغ من نادى مجلس الدولة ضد محررتها هدى أبوبكر.. وفى سجلات مصطفى بكرى وسعيد عبد الخالق عشرات من القضايا المشابهة.. فلا أحد يمكن أن يكتب دون أن يشعر بتهديد الحبس بالرغم من الوعد الرئاسى بإلغاء هذه العقوبة السالبة للحرية التى اختفت من الدول الديمقراطية.. والدليل على ذلك استدعاء أكثر من ألف صحفى للنيابة ومثول نصفهم على الأقل أمام المحاكم فى عام واحد.
وما يثير السخرية أن الحكومة القائمة لا تنفذ أحكام القضاء التى تصدر ضدها.. وما يثير الدهشة أن صحفيى الحكومة يتمتعون بحصانة برلمانية أحياناً وواقعية غالباً تجعلهم يطلقون النار بطريقة عشوائية على كل كائن حى لا يعجبهم.. ولم نسمع أن أحداً منهم عانى من قلق وتوتر وتهديد المطاردات والملاحقات القضائية.. ولا نريد أن نتحدث عن وقائع بعينها نجوا فيها من عقاب محقق.
إن سوء التفسير هو سلاح السلطة فى التنكيل بنا.. فكل كلمة نكتبها يمكن أن تهدد الأمن القومى.. أو تثير البلبلة.. أو تحرض على الإرهاب.. أو تزدرى ديناً.. أو تحض على كراهية جماعة.. أو تسخر من مؤسسة رسمية.. فلا مفر من تكتل الصحفيين فى تنقية القوانين من تلك «التلكيكات».. وأخشى أن أُحاكم على هذه الكلمات بتهمة عصيان التشريعات، إننى لا أكتب ذلك من فراغ.. ولا أعبر عما فى نفسى وحدى.. وإنما هذه أفكار واعتراضات كل رؤساء التحرير الذين يضعون أيديهم فى النار شرفت بتكليف منهم بالتعبير عنهم.. وإعلان غضبهم مما يحدث وسيحدث لهم.. والكشف عن نيتهم الواضحة الصريحة فى استخدامهم لكل ما هو ممكن من أساليب صارمة لمواجهة ما يعانون منه.. والدليل على ذلك أنهم جميعاً قد وقعوا أدناه.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate