آخر الأخبار
Loading...
الأربعاء، 21 مارس 2012

Info Post

معاً من أجل دستور للتوافق المجتمعي
مرةً أخرى تثبت القوى والأحزاب الإسلامية، التي تهيمن هيمنةً كاملةً على مجلسي الشعب والشورى، إصرارها على ممارسة أقصى درجات الغلو والاستحواذ والسيطرة الكاملة غير المنقوصة على مفاتيح السلطة والثروة والقرار الإستراتيجي، وتوظيفها جميعاً لخدمة أغراضها الذاتية، دون اعتبار لباقي مكونات المجتمع أو للمصالح الوطنية العليا.
فعلى الرغم من أن المعلوم بالضرورة، وما تعارفت عليه مختلف الدول والنظم السياسية، فيما يخص مسألة الدستور، من أنه يُعتبر وثيقة توافقية لا يمكن أن تـُصاغ إلا بالاقتناع والتراضي بين سائر المكونات الاجتماعية والفكرية والعقائدية للمجتمع، حتى يحظى بالقبول والاحترام، فإن تيار الإسلام السياسي يُصِّرُ على أن يضرب عرض الحائط بكل تقاليد تكوين الهيئات التأسيسية المتّبعة في دول العالم أجمع، وأن يُهدر تراث مصر البرلماني منذ عام 1866 وحتى الآن، وأن يُكرر ممارسات حكم الرئيس المخلوع المشينة، والتي تكالبت فيها عناصر النظام السابق على الانفراد بكل مواقع السلطة، والاحتلال الكلي لجميع مراكز التأثير في الدولة، وهو الأمر الذي كان سبباً أساسياً من أسباب الثورة.
ومرة أخرى، تسفر هذه القوى والأحزاب عن نواياها المبيّتة، بإعلان عزمها الاستئثار بنصف عدد أعضاء "الجمعية التأسيسية" المرتقبة، إضافة لمعظم النصف الثاني المتروك لباقي هيئات المجتمع، نظرا لسيطرتها على أغلب مجالس النقابات المهنية، وغيرها من المواقع التي ستـُمثـّلُ في اللجنة.
ومن المؤكد، لأي مراقب، أن هذا السلوك سيقود إلى أزمة دستورية خطيرة، إذ إن غياب التمثيل المتوازن لباقي مكونات المجتمع: من الخبراء الدستوريين، وممثلي العمال والفلاحين وباقي الطبقات الشعبية، وشباب الثورة، وممثلي المصريين المسيحيين، وممثلي المرأة، والمثقفين، والمبدعين، وصنـَّاع الرأي، والرموز الوطنية، والشخصيات العامة ذات الخبرة، واقتصار"الهيئة التأسيسية"، على أحزاب "الحرية والعدالة" و"النور" و"الأصالة" و"الجماعة الإسلامية" ومن على شاكلتها، يعني بالقطع انعقاد النيـّة على أن يُصاغ الدستور المصري الجديد على النمط الطالباني، استجابةً لما رفعته هذه الجماعات في "جمعة قندهار" الشهيرة، وما عبّر عنه شيوخهم وقادتهم في تصريحات عديدة، من توجّهات واضحة الدلالة تؤكد عزمهم على تحويل مصر إلى "إمارة إسلامية" على النموذج الأفغاني، تحت رايات العنف العقائدي والإرهاب الفكري، وهو ما سيدفع البلاد إلى حدود خطرة، ويهوى بها إلى مستنقع الاحتراب الأهلي والتمزق والانهيار.
ومما يزيد من القلق أن مواقف هذه القوى والأحزاب منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، وخاصة منذ هيمنتها على مجلسي الشعب والشورى، قد أثبتت حقيقة توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواضحة التي تتعارض جذرياً مع مصالح الغالبية العظمى من الكادحين، ولا تختلف كثيراً عن توجهات نظام مبارك التي أوصلت البلاد إلى كارثة حقيقية في مختلف المجالات. وقد تجلَّت هذه التوجهات في مواقف هذه القوى من الاحتجاجات العمالية والفلاحية والجماهيرية ومن مطالبها المشروعة، وكذلك من جرائم المجلس العسكري، وآخرها مذبحة بورسعيد، بالإضافة إلى مواقفها من السياسات الاقتصادية ومن قضايا المواطنة والحريات المدنية وقضايا المرأة وغيرها.   
وإضافةً لما تقدم، فإن مجلس الشعب نفسه معرض للحل، بموجب طعون دستورية وقانونية مهمة منظورة الآن، وهو ما يعني بالتبعية أن كل القرارات والتشريعات التي سيصدرها (وفي مقدمتها الدستور) ستكون عرضةً للطعن أيضاً، وسيكون مصيرها كمصيره، أي أنها ستسقط بسقوط المجلس وتنتهي بحلـِّه.
وإذ يدين "الحزب الاشتراكي المصري" هذه التوجهات الخطرة، ويُحَذر من الصمت في مواجهتها أو التراجع عن التصدي لها، فإنه يهيب بالقوى الوطنية والديمقراطية، وبكل قوى الثورة من الشباب ومن المثقفين، وبالأحزاب المدنية، وبجميع مؤسسات المجتمع المدني، أن تهبّ فوراً، وأن توحد كلمتها وتضم الصفوف، للدفاع عن الهوية المصرية الحضارية الجامعة من الهجمة الوهابية الشرسة، التي تريد إعادتنا إلى عصور ما قبل الحضارة، تحت شعارات دينية مضللة لا صلة لها بقيم العدل والمساواة والتسامح التي بشرت بها جميع الأديان.
الحزب الاشتراكي المصري
20 مارس 2012

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد