دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
هل تغير البرادعي منذ أن سمعنا عنه، ومن بعد ما عرفناه؟ ربما يكون قد تغير في أشياء إلا في جوهره الإنساني، أي قيمه ومعاييره وأخلاقياته. أوتي الرجل من كل نعم الدنيا ما يفيض عن حاجته، وهو يعترف بذلك دون جشع أو طمع، ولذلك صدق قول المولى سبحانه وتعالى في أمثاله "ولئن شكرتم لأزيدنكم.." والحمد لله، أمثال البرادعي كثيرون مثل علاء الأسواني، محمد غنيم، مجدي يعقوب، وعبد الجليل مصطفى وغيرهم كثر. ثم على النقيض الآخر، وعلى نفس المستوى العلمي والتعليمي تقريبا نجد قاضيا في المحكمة الدستورية العليا، وهي وظيفة دون شك، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، تحتل المركز الأول على سلم التراتب والمكانة للمهن والوظائف المجتمعية. وأمثال هذا القاضي كثيرون، سواء كان في القطاع المدني أو العسكري. هو فريق من السادة الجشعين الطماعين الشرهين.
الفريق الأول ليس جامدا مغلق العقل صلب الدماغ، فهو في غاية المرونة الناتجة عن الثقة بالنفس، ولكن في ظل الالتزام بالأخلاق الحميدة. ولذلك تجد هذا الفريق يتغير في مواقفه السياسية، ولكن في ظل تذبذب بندول يتأرجح في حدود 20 درجة هندسية فقط تبعا للمنطقية والحكم الرشيد. أما الفريق الأخر فهو يتقلب في حدود التأرجح القصوى وهي 180 درجة هندسية. ولاحظ أن هذا الفريق يضم من بينه عينة السادة أعضاء مكتب الإرشاد ممثلة في السلوك الإخواني قبل الثورة والذي بات واضحا وضوح الشمس في كبد النهار بعدها. وقد بات واضحا أنه سلوك لا ينم عن الجهل وعدم الخبرة كما يقال، ولكنه ينم عن تصميم أيديولوجي مصمت يقدس مصلحة الجماعة الإخوانية ويَعْمَى تماما عن المصلحة الوطنية. وفي سبيل ذلك يتبع مبدأ الإرهاب المعتمد على "إما مصلحة الجماعة أو بحور الدماء في شوارع مصر"، وهذا أمر تتقزم البلطجة بجانبه.
أما الفريق الثالث بين النقيضين فهو خادم السلطة، آكل الجيف، الأشعبي المتربع على كل الموائد دون دعوة. وهو فريق تتمثل أصوله التاريخية في "الفتيتة" المصاحبين للمشايخ السيارة في ريف مصر وحضرها، و"الفتيتة" المصاحبين لمقرئي السرادقات في المعازي الريفية بصورة خاصة، والمنافقين في حضرة الحكام المحليين والوطنيين، حيث تطورت تلك الأصول وارتقت لتصل إلى مراتب الوزارات والمستشارين والهيئات الرئاسية سواء في القطاعات المدنية أو العسكرية.
الفئتان الثانية والثالثة هما اللتان تعطيان الصورة المشوهة والأحكام الخاطئة حول النخبة، وحول التجمعات الوطنية كجبهة الإنقاذ أو التيار الشعبي أو الأحزاب الوطنية الصادقة. ولكن الحمد لله رب العالمين، أن كان من فوائد الثورة الينايرية العظمى أن أفرزت تلك الفئات أمام الشعب والبسطاء السياسيين أمثالي الذين انشغلوا بِهَمً السياسة والوطن بعد الثورة. هذا الهم الذي دون أن تكون له نهاية لن تستقيم تنمية، ولن تحل معضلات يكتوي الشعب بنيرانها سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو العالمي.
إذن، الشعب أمامه فرق ثلاث، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ورجال استبداديون فاشيون مصلحيون، ورجال خنيسون. الشعب يحتاج أن يتوحد بصرف النظر عن انتمائه للفريق شفيق أو غير الفريق شفيق، وبصرف النظر عن كونه ثوارا أو فلولا أو من أعضاء حزب الكنبة، أمام مواجهة الفرقة الثانية الحاكمة ومعها الفرقة الثالثة الانتهازية.
على الشعب المصري الحبيب أن يدرك أن أعداءه أكثر من أحبائه بكثير، وأن يدرك صحة مقولة الإمام الشافعي الحكيمة "ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك"، دون انتظار للجيش أو السيسي أو أمريكا، أو غيرهم. فما المطلوب إذن؟
الخلاصة:
1. الحكم الإخواني أخذنا إلى سكة الهلاك، وبعد عن سكة السلامة، وكان الأمر واضحا منذ المؤشرات الأولى حتى من قبل الثورة.
2. الحكم الإخواني لا يستمع للنصيحة، ولا يتعلم، وقد ثبت عدم صلاحيته للحكم نهائيا، أي أنه قد رسب رسوبا "لائحيا" بالتعبير الجامعي، أي لا يقبل الجبر ولا تقبله لجان الرأفة. الإسلام أعظم من أن يُلتحف به. وقد حمى الله دينه بكشف هؤلاء الفئة المتلاعبة بما يسمى بالمشروع الإسلامي الذي لا يفقهونه، والذي لم يعد البسطاء يغترون فيه باللحى والملابس البدوية.
3. على الأحزاب السياسية أن تتحد في حزب أو حزبين وطنيين فقط، وعلى المصنفين ظلما بالفلول والإسلاميين والثوار والمراقبين المترقبين والمنشغلين بلقمة عيشهم ورزق أولادهم أن يتحدوا أيضا دون انتماء للبرادعي أو شفيق أو مرسي أو صباحي أو أي رمز آخر، ويعلموا أن مصلحتهم العامة التي لا تتحمل ترف الانتماءات الفكرية أو السياسية هي التخلص من هذا الحكم الإخواني المُهْلك قبل أن يحل الهلاك الشامل.
4. إكمال حملة تمرد للوصول إلى حدها المرتقب (أكثر من 12 مليون)، والخروج السلمي يوم 30 يونيو دون العودة بحكم جديد وفترة انتقالية جديدة كل ذلك فرض عين على كل مسلم وطني مصري يهتم بحسن خلافة الله في الأرض ويبغي العزة والكرامة والعدالة الاجتماعية والرفاهية الإنسانية التي أرادها الله لعباده الصادقين "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل 96)، صدقت مولاي جل شأنك وتعالت قدرتك، وأكُرِمْنَا اللهم بفضلك يا ألله، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. والحمد لله رب العالمين.
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
هل تغير البرادعي منذ أن سمعنا عنه، ومن بعد ما عرفناه؟ ربما يكون قد تغير في أشياء إلا في جوهره الإنساني، أي قيمه ومعاييره وأخلاقياته. أوتي الرجل من كل نعم الدنيا ما يفيض عن حاجته، وهو يعترف بذلك دون جشع أو طمع، ولذلك صدق قول المولى سبحانه وتعالى في أمثاله "ولئن شكرتم لأزيدنكم.." والحمد لله، أمثال البرادعي كثيرون مثل علاء الأسواني، محمد غنيم، مجدي يعقوب، وعبد الجليل مصطفى وغيرهم كثر. ثم على النقيض الآخر، وعلى نفس المستوى العلمي والتعليمي تقريبا نجد قاضيا في المحكمة الدستورية العليا، وهي وظيفة دون شك، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، تحتل المركز الأول على سلم التراتب والمكانة للمهن والوظائف المجتمعية. وأمثال هذا القاضي كثيرون، سواء كان في القطاع المدني أو العسكري. هو فريق من السادة الجشعين الطماعين الشرهين.
الفريق الأول ليس جامدا مغلق العقل صلب الدماغ، فهو في غاية المرونة الناتجة عن الثقة بالنفس، ولكن في ظل الالتزام بالأخلاق الحميدة. ولذلك تجد هذا الفريق يتغير في مواقفه السياسية، ولكن في ظل تذبذب بندول يتأرجح في حدود 20 درجة هندسية فقط تبعا للمنطقية والحكم الرشيد. أما الفريق الأخر فهو يتقلب في حدود التأرجح القصوى وهي 180 درجة هندسية. ولاحظ أن هذا الفريق يضم من بينه عينة السادة أعضاء مكتب الإرشاد ممثلة في السلوك الإخواني قبل الثورة والذي بات واضحا وضوح الشمس في كبد النهار بعدها. وقد بات واضحا أنه سلوك لا ينم عن الجهل وعدم الخبرة كما يقال، ولكنه ينم عن تصميم أيديولوجي مصمت يقدس مصلحة الجماعة الإخوانية ويَعْمَى تماما عن المصلحة الوطنية. وفي سبيل ذلك يتبع مبدأ الإرهاب المعتمد على "إما مصلحة الجماعة أو بحور الدماء في شوارع مصر"، وهذا أمر تتقزم البلطجة بجانبه.
أما الفريق الثالث بين النقيضين فهو خادم السلطة، آكل الجيف، الأشعبي المتربع على كل الموائد دون دعوة. وهو فريق تتمثل أصوله التاريخية في "الفتيتة" المصاحبين للمشايخ السيارة في ريف مصر وحضرها، و"الفتيتة" المصاحبين لمقرئي السرادقات في المعازي الريفية بصورة خاصة، والمنافقين في حضرة الحكام المحليين والوطنيين، حيث تطورت تلك الأصول وارتقت لتصل إلى مراتب الوزارات والمستشارين والهيئات الرئاسية سواء في القطاعات المدنية أو العسكرية.
الفئتان الثانية والثالثة هما اللتان تعطيان الصورة المشوهة والأحكام الخاطئة حول النخبة، وحول التجمعات الوطنية كجبهة الإنقاذ أو التيار الشعبي أو الأحزاب الوطنية الصادقة. ولكن الحمد لله رب العالمين، أن كان من فوائد الثورة الينايرية العظمى أن أفرزت تلك الفئات أمام الشعب والبسطاء السياسيين أمثالي الذين انشغلوا بِهَمً السياسة والوطن بعد الثورة. هذا الهم الذي دون أن تكون له نهاية لن تستقيم تنمية، ولن تحل معضلات يكتوي الشعب بنيرانها سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو العالمي.
إذن، الشعب أمامه فرق ثلاث، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ورجال استبداديون فاشيون مصلحيون، ورجال خنيسون. الشعب يحتاج أن يتوحد بصرف النظر عن انتمائه للفريق شفيق أو غير الفريق شفيق، وبصرف النظر عن كونه ثوارا أو فلولا أو من أعضاء حزب الكنبة، أمام مواجهة الفرقة الثانية الحاكمة ومعها الفرقة الثالثة الانتهازية.
على الشعب المصري الحبيب أن يدرك أن أعداءه أكثر من أحبائه بكثير، وأن يدرك صحة مقولة الإمام الشافعي الحكيمة "ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك"، دون انتظار للجيش أو السيسي أو أمريكا، أو غيرهم. فما المطلوب إذن؟
الخلاصة:
1. الحكم الإخواني أخذنا إلى سكة الهلاك، وبعد عن سكة السلامة، وكان الأمر واضحا منذ المؤشرات الأولى حتى من قبل الثورة.
2. الحكم الإخواني لا يستمع للنصيحة، ولا يتعلم، وقد ثبت عدم صلاحيته للحكم نهائيا، أي أنه قد رسب رسوبا "لائحيا" بالتعبير الجامعي، أي لا يقبل الجبر ولا تقبله لجان الرأفة. الإسلام أعظم من أن يُلتحف به. وقد حمى الله دينه بكشف هؤلاء الفئة المتلاعبة بما يسمى بالمشروع الإسلامي الذي لا يفقهونه، والذي لم يعد البسطاء يغترون فيه باللحى والملابس البدوية.
3. على الأحزاب السياسية أن تتحد في حزب أو حزبين وطنيين فقط، وعلى المصنفين ظلما بالفلول والإسلاميين والثوار والمراقبين المترقبين والمنشغلين بلقمة عيشهم ورزق أولادهم أن يتحدوا أيضا دون انتماء للبرادعي أو شفيق أو مرسي أو صباحي أو أي رمز آخر، ويعلموا أن مصلحتهم العامة التي لا تتحمل ترف الانتماءات الفكرية أو السياسية هي التخلص من هذا الحكم الإخواني المُهْلك قبل أن يحل الهلاك الشامل.
4. إكمال حملة تمرد للوصول إلى حدها المرتقب (أكثر من 12 مليون)، والخروج السلمي يوم 30 يونيو دون العودة بحكم جديد وفترة انتقالية جديدة كل ذلك فرض عين على كل مسلم وطني مصري يهتم بحسن خلافة الله في الأرض ويبغي العزة والكرامة والعدالة الاجتماعية والرفاهية الإنسانية التي أرادها الله لعباده الصادقين "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل 96)، صدقت مولاي جل شأنك وتعالت قدرتك، وأكُرِمْنَا اللهم بفضلك يا ألله، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. والحمد لله رب العالمين.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate