بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
الرئيس مرسي، كما لم يحدث من قبل، هو أول رئيس جمهورية يقال له "إرحل"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، بعد مرور أقل من 150 يوما فقط من انتخابه كأول رئيس مصري منتخب انتخابا "حراً، نزيهاً، شهد له العالم أجمع" كما يردد المهللون الفرحون من أنصار الجماعة التي احتلت سدة الحكم، وتحاول الآن أن تغتصب دستور مصر المخطوف.
قال هذه الكلمات ممثلو أكثر من 70% من الشعب المصري، هم الذين لم ينتخبوا مرسي (48.5%)، بالإضافة إلى حوالي 40% ممن انتخبوه لمجرد رفضهم انتخاب شفيق.
ما هو السبب (أو الأسباب) التي أدت إلى هذا الرقم القياسي الفريد:
1. الرئيس مرسي حصيلة ثورة لم يقم بها هو أو جماعته أو أنصارها المعروف عنهم المحافظة أو الرجعية أو على الأقل عدم القيام ضد الحاكم. والغريب أن تياره تَحَالف مع العسكر المحافظين أيضا، ومع الدولة العميقة، والطفيليين محاسيب النظام المباركي وسدنته.
هذا الأمر من بدايته خيانة لتلك الثورة. وبسبب هذا التحالف، وبالإضافة إلى الماكينة المنظمة القديمة الخاصة بجماعة الإخوان وشعبيتها مع عوام الشعب اختطف الإخوان الحكم كما يختطف الضبع فريسته ويهرب بها حيث لا يشاركه أحد. وبقي الشعب والثوار بخُفي حنين دون أدنى تحقيقٍ لمطالب الثورة، فشعر الشعب بالخديعة، ومن ثم ازداد حنقه على الجماعة الإخوانية وأعوانها، واليوم 4 ديسمبر يقول الشعب كلمته في التحرير وأمام الاتحادية.
2. فقد الشعب ثقته في الإخوان لتأكده من نكوصهم وحنثهم الوعود التي لا حصر لها بحجة أن الغاية تبرر الوسيلة، وهي قيمة لا تليق بمدعي السياسة الإسلامية. بدأ الحنث بالوعد بعدم تقديم مرشح للرئاسة، ومرورا بتعدي الترشيح في الانتخابات البرلمانية من 35% إلى 100% من الكراسي، ومرورا بالمزيد من الوعود التي نقضوها حتى الحنث بوعد إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وعدم عرض الدستور إلا بعد مدة كافية للنقاش المجتمعي وتحقيق التوافق عليه تماما، وتمرير الدستور في ظرف 17 ساعة أخيرة قبل احتمال صدور حكم المحكمة في 2 ديسمبر بحل الجمعية، ثم الإعلان عن الاستفتاء علي الدستور فورا يوم 15 ديسمبر. هل يمكن بعد ذلك الثقة في الرئيس وجماعته؟
3. كان الإعلان الدستوري الدكتاتوري الأخير هو القشة التي قصمت ظهر البعير، فكانت مذبحة القضاء العظمى، وبدا الاستهتار بسلطة الشعب ومبدأ الديمقراطية والحرية التي كانت أعظم مكاسب الثورة الينايرية المجيدة. أين وعود استقلال القضاء؟ وأين وعود "قوموني إذ عصيت الله فيكم"؟ وأين وعود "لن أظلم أحدا"؟ وهل بعد الدكتاتورية من ظلم؟
4. كيف يثق الشعب في رئيس لا يخاطب إلا جماعته، أو لا يخاطب الشعب إلا من وراء جدر؟ التنفيذ المطلق لأوامر الشاطر ومكتب الإرشاد والضرب السافر بعرض الحائط لأي مطالب شعبية أو منطقية أو ثورية أصبح ساطعا سطوع الشمس في كبد النهار. الجماعة الإخوانية حوالي 350 ألف، والسلفيون ربما ثلاثة أضعاف الجماعة، فهل هؤلاء هم الشعب المصري؟ وجه الرئيس مرسي الرادار الخاص بسيادته لهؤلاء فقط، فكيف ينتظر أن يصدق الشعب أحضانه وحبه؟
5. كيف يثق الشعب في رئيس يلوي ذراعه، إما بقبول الإعلان الدستوري الدكتاتوري، أو التصويت بنعم على دستور باطل لأنه بني على باطل، وباء بتشكيله النهائي جماعته المسعورة بالسلطة والمنتفعون المرتقبون باحتمال اكتمال التمكين الدكتاتوري الإخواني لحكم مصر؟ دستور بني بحكمة تمكن من خلال ثغرات فيه من التمكين المطلق والقبضة الحديدية الإخوانية على مصر ومستقبلها وحريتها وتحويلها إلى دولة دينية رجعية مثلها مثل زبالة الدول التي اتخذت هذا المسلك الديني الأرعن للحكم في القرن الواحد والعشرين، وهنا يتحقق لأمريكا وإسرائيل آمالهما في تفتيت منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول المحيطة بإسرائيل، ومصر علي قمتها.
6. كيف يثق الشعب في رئيس وجماعته أصبحوا يروجون لضلالات يدفعون بها غضب الشعب وحنقه مثل الادعاء الظالم بأن أحرار مصر وأنوارها يتوحدون ضد مرسي والإخوان ويريدون العودة لنقطة الصفر حتى يصبح عمرو موسى أو حمدين صباحي أو البرادعي أحدهم رئيسا لمصر؟ هل من المعقول أن يرى أحد هؤلاء مصر تُغُتصب وشعبها يُحتقر ويُهْمَل بآلامه وعذابه ويفكر هو في رئاسة الجمهورية؟ بدؤوا أيضا يرجعون لكلمة الفلول الممجوجة المبتذلة، ودور شفيق في تحريك كل هذا الغضب وهو في مخبئه بالإمارات. بدؤوا أيضا يروجون لأن عناصر بالداخلية تقوم بدور الطرف الثالث، بل إنهم أيضا يقولون أن الطرف الثالث هو الدولة العميقة. ما هذه الهرتلة؟ وما هو ذلك التخبط والهوس العقلي؟ هذا بالرغم من أن البعض قد يفعل مثلهم ويقول أن الإخوان هم الطرف الثالث نظرا لأن هذا الطرف الملعون لم يستهدف الإخوان في الميدان أبدا، وخاصة بعد أن قال حمدي بدين للبلتاجي "لم عيالك من على السطوح وإلا سأضربهم"؟
7. العجيب أن الرئيس مرسي، وهذه هي الطامة الكبرى، نجد أن الأقوام الذين مدوا إليه يد المعونة وقبلوا العمل معه قد ضجوا هم منه نظراً لإهمالهم وعدم اعتبارهم حتى أن منهم من بكى على شاشة التلفاز. المَكًيان أحمد ومحمود (الوزير ونائب الرئيس) ليسا في أحسن حالتيهما، وأكاد أشعر أنهما في مأزق لا يليق بشخصهما وتاريخهما. مستشارو الرئيس، حدث ولا حرج، مثلهم مثل أعضاء حزب الكنبة، يعلمون الأخبار من التلفاز. المخلصون ممن انسحبوا من الجمعية التأسيسية ثم العودة إليها ثم الانسحاب الأخير، اضطروا في النهاية إلى ضرب رؤوسهم بالحائط. اللجنة الاستشارية للجمعية التأسيسية وقاماتها الهائلة "خيال مقاتة". وفي النهاية أكاد أقول لنفسي أن الرئيس مرسي نفسه متورط عاجز لأنه ضحية الشاطر ومكتب الإرشاد وهرس الدبابة التي لا تبقي ولا تذر المسماة بجماعة الإخوان المسلمين. مصر لن تموت ولن نموت بغيظنا.
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
الرئيس مرسي، كما لم يحدث من قبل، هو أول رئيس جمهورية يقال له "إرحل"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، بعد مرور أقل من 150 يوما فقط من انتخابه كأول رئيس مصري منتخب انتخابا "حراً، نزيهاً، شهد له العالم أجمع" كما يردد المهللون الفرحون من أنصار الجماعة التي احتلت سدة الحكم، وتحاول الآن أن تغتصب دستور مصر المخطوف.
قال هذه الكلمات ممثلو أكثر من 70% من الشعب المصري، هم الذين لم ينتخبوا مرسي (48.5%)، بالإضافة إلى حوالي 40% ممن انتخبوه لمجرد رفضهم انتخاب شفيق.
ما هو السبب (أو الأسباب) التي أدت إلى هذا الرقم القياسي الفريد:
1. الرئيس مرسي حصيلة ثورة لم يقم بها هو أو جماعته أو أنصارها المعروف عنهم المحافظة أو الرجعية أو على الأقل عدم القيام ضد الحاكم. والغريب أن تياره تَحَالف مع العسكر المحافظين أيضا، ومع الدولة العميقة، والطفيليين محاسيب النظام المباركي وسدنته.
هذا الأمر من بدايته خيانة لتلك الثورة. وبسبب هذا التحالف، وبالإضافة إلى الماكينة المنظمة القديمة الخاصة بجماعة الإخوان وشعبيتها مع عوام الشعب اختطف الإخوان الحكم كما يختطف الضبع فريسته ويهرب بها حيث لا يشاركه أحد. وبقي الشعب والثوار بخُفي حنين دون أدنى تحقيقٍ لمطالب الثورة، فشعر الشعب بالخديعة، ومن ثم ازداد حنقه على الجماعة الإخوانية وأعوانها، واليوم 4 ديسمبر يقول الشعب كلمته في التحرير وأمام الاتحادية.
2. فقد الشعب ثقته في الإخوان لتأكده من نكوصهم وحنثهم الوعود التي لا حصر لها بحجة أن الغاية تبرر الوسيلة، وهي قيمة لا تليق بمدعي السياسة الإسلامية. بدأ الحنث بالوعد بعدم تقديم مرشح للرئاسة، ومرورا بتعدي الترشيح في الانتخابات البرلمانية من 35% إلى 100% من الكراسي، ومرورا بالمزيد من الوعود التي نقضوها حتى الحنث بوعد إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وعدم عرض الدستور إلا بعد مدة كافية للنقاش المجتمعي وتحقيق التوافق عليه تماما، وتمرير الدستور في ظرف 17 ساعة أخيرة قبل احتمال صدور حكم المحكمة في 2 ديسمبر بحل الجمعية، ثم الإعلان عن الاستفتاء علي الدستور فورا يوم 15 ديسمبر. هل يمكن بعد ذلك الثقة في الرئيس وجماعته؟
3. كان الإعلان الدستوري الدكتاتوري الأخير هو القشة التي قصمت ظهر البعير، فكانت مذبحة القضاء العظمى، وبدا الاستهتار بسلطة الشعب ومبدأ الديمقراطية والحرية التي كانت أعظم مكاسب الثورة الينايرية المجيدة. أين وعود استقلال القضاء؟ وأين وعود "قوموني إذ عصيت الله فيكم"؟ وأين وعود "لن أظلم أحدا"؟ وهل بعد الدكتاتورية من ظلم؟
4. كيف يثق الشعب في رئيس لا يخاطب إلا جماعته، أو لا يخاطب الشعب إلا من وراء جدر؟ التنفيذ المطلق لأوامر الشاطر ومكتب الإرشاد والضرب السافر بعرض الحائط لأي مطالب شعبية أو منطقية أو ثورية أصبح ساطعا سطوع الشمس في كبد النهار. الجماعة الإخوانية حوالي 350 ألف، والسلفيون ربما ثلاثة أضعاف الجماعة، فهل هؤلاء هم الشعب المصري؟ وجه الرئيس مرسي الرادار الخاص بسيادته لهؤلاء فقط، فكيف ينتظر أن يصدق الشعب أحضانه وحبه؟
5. كيف يثق الشعب في رئيس يلوي ذراعه، إما بقبول الإعلان الدستوري الدكتاتوري، أو التصويت بنعم على دستور باطل لأنه بني على باطل، وباء بتشكيله النهائي جماعته المسعورة بالسلطة والمنتفعون المرتقبون باحتمال اكتمال التمكين الدكتاتوري الإخواني لحكم مصر؟ دستور بني بحكمة تمكن من خلال ثغرات فيه من التمكين المطلق والقبضة الحديدية الإخوانية على مصر ومستقبلها وحريتها وتحويلها إلى دولة دينية رجعية مثلها مثل زبالة الدول التي اتخذت هذا المسلك الديني الأرعن للحكم في القرن الواحد والعشرين، وهنا يتحقق لأمريكا وإسرائيل آمالهما في تفتيت منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول المحيطة بإسرائيل، ومصر علي قمتها.
6. كيف يثق الشعب في رئيس وجماعته أصبحوا يروجون لضلالات يدفعون بها غضب الشعب وحنقه مثل الادعاء الظالم بأن أحرار مصر وأنوارها يتوحدون ضد مرسي والإخوان ويريدون العودة لنقطة الصفر حتى يصبح عمرو موسى أو حمدين صباحي أو البرادعي أحدهم رئيسا لمصر؟ هل من المعقول أن يرى أحد هؤلاء مصر تُغُتصب وشعبها يُحتقر ويُهْمَل بآلامه وعذابه ويفكر هو في رئاسة الجمهورية؟ بدؤوا أيضا يرجعون لكلمة الفلول الممجوجة المبتذلة، ودور شفيق في تحريك كل هذا الغضب وهو في مخبئه بالإمارات. بدؤوا أيضا يروجون لأن عناصر بالداخلية تقوم بدور الطرف الثالث، بل إنهم أيضا يقولون أن الطرف الثالث هو الدولة العميقة. ما هذه الهرتلة؟ وما هو ذلك التخبط والهوس العقلي؟ هذا بالرغم من أن البعض قد يفعل مثلهم ويقول أن الإخوان هم الطرف الثالث نظرا لأن هذا الطرف الملعون لم يستهدف الإخوان في الميدان أبدا، وخاصة بعد أن قال حمدي بدين للبلتاجي "لم عيالك من على السطوح وإلا سأضربهم"؟
7. العجيب أن الرئيس مرسي، وهذه هي الطامة الكبرى، نجد أن الأقوام الذين مدوا إليه يد المعونة وقبلوا العمل معه قد ضجوا هم منه نظراً لإهمالهم وعدم اعتبارهم حتى أن منهم من بكى على شاشة التلفاز. المَكًيان أحمد ومحمود (الوزير ونائب الرئيس) ليسا في أحسن حالتيهما، وأكاد أشعر أنهما في مأزق لا يليق بشخصهما وتاريخهما. مستشارو الرئيس، حدث ولا حرج، مثلهم مثل أعضاء حزب الكنبة، يعلمون الأخبار من التلفاز. المخلصون ممن انسحبوا من الجمعية التأسيسية ثم العودة إليها ثم الانسحاب الأخير، اضطروا في النهاية إلى ضرب رؤوسهم بالحائط. اللجنة الاستشارية للجمعية التأسيسية وقاماتها الهائلة "خيال مقاتة". وفي النهاية أكاد أقول لنفسي أن الرئيس مرسي نفسه متورط عاجز لأنه ضحية الشاطر ومكتب الإرشاد وهرس الدبابة التي لا تبقي ولا تذر المسماة بجماعة الإخوان المسلمين. مصر لن تموت ولن نموت بغيظنا.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate