بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
لي مقولة قديمة أيام مبارك، يعرفها زملائي في العمل، تقول "هات مِعْزة (عنزة) وحطها على كرسي الحكم، الكل سيهتف لها".
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
لي مقولة قديمة أيام مبارك، يعرفها زملائي في العمل، تقول "هات مِعْزة (عنزة) وحطها على كرسي الحكم، الكل سيهتف لها".
وشبيه بهذه المقولة، مقولة لأَحَدِ أعز أصدقائي الذي ذهبت لأبارك له عندما عين رئيسا لأكاديمية البحث العلمي قديما قائلا له: كيف أخطأ المسئولون وعينوا مخلصا مثلك في هذا المركز القيادي؟ واقترحت عليه عدة اقتراحات، فقال لي: أولا، "أنت لو جبت الفراش اللي بره ده ووضعته مطرحي، الأكاديمية حتمشي زل الفل".
ثانيا: "إنْسَ اقتراحاتك دي، الوزير قال لي، لا تفعل شيء، إلى أن يقولوا لي إفعل كذا، ساعتها سأقول لك إفعل هذه الكذا". هنأته وخرجت مكتئبا.
وفي المرحلة الثانية للانتخابات الرئاسية (شفيق ومرسي) كتبت مؤكدا أني لا أتصور أن المجلس العسكري سيسمح لشخص مثل مرسي أن يحتل مِقعد رئاسة الجمهورية. وفي لحظة رفضي لشفيق كتبت مقالا عنوانه "سأنتخب مرسي ثم أنصحه" (وكان قراري النهائي المقاطعة)، فرد علي طارق حجي قائلا "مرسي لن يكون رئيسا للجمهورية، ولا أتصور أبدا أن مثقفا مثلك يمكن أن يقبل أن يأتي إسلامي إلى الحكم".
خاب ظني من ناحية المجلس العسكري، وخاب ظن طارق حجي من ناحية استحالة قدوم "إسلامي" إلى سدة الحكم. فما الذي حدث؟ هل هي شطارة الإخوان المسلمين؟ أم هل هي شيوع الخيانة والغدر في أحشاء المجتمع المصري المباركي؟ ببساطة الإجابة في تقديري هي الثانية، شيوع مهارة الخيانة والغدر في أحشاء المجتمع المصري.
وفي المرحلة الثانية للانتخابات الرئاسية (شفيق ومرسي) كتبت مؤكدا أني لا أتصور أن المجلس العسكري سيسمح لشخص مثل مرسي أن يحتل مِقعد رئاسة الجمهورية. وفي لحظة رفضي لشفيق كتبت مقالا عنوانه "سأنتخب مرسي ثم أنصحه" (وكان قراري النهائي المقاطعة)، فرد علي طارق حجي قائلا "مرسي لن يكون رئيسا للجمهورية، ولا أتصور أبدا أن مثقفا مثلك يمكن أن يقبل أن يأتي إسلامي إلى الحكم".
خاب ظني من ناحية المجلس العسكري، وخاب ظن طارق حجي من ناحية استحالة قدوم "إسلامي" إلى سدة الحكم. فما الذي حدث؟ هل هي شطارة الإخوان المسلمين؟ أم هل هي شيوع الخيانة والغدر في أحشاء المجتمع المصري المباركي؟ ببساطة الإجابة في تقديري هي الثانية، شيوع مهارة الخيانة والغدر في أحشاء المجتمع المصري.
ويبدو أن أمهر الناس وأكثرهم اضطرارا لهذه المهارة كانوا هم الإخوان المسلمون بحججهم الزائفة "الضرورات تبيح المحظورات، الغاية تبرر الوسيلة، والتقية، ومثل هذه التخاريف".
نجح الإخوان المسلمون في استغفالنا بالخضوع لمصلحة أمريكا وتابعتها إسرائيل، ونجحوا كذلك في خداع المجلس العسكري، ونجحوا في رشوة الفلول، ونجحوا كذلك في استغفال الشعب بالدين تارة وبالرشوة المقنعة بل والسافرة تارة أخرى، ونجحوا كذلك في رشوة كثير من المثقفين (وهذا بالذات هو الذي يعصف بى حزنا وألما وضيقا)، ونجحوا كذلك في استغلال الشرطة، ونجحوا كذلك في استغلال قطر وأمثالها، والآن هم يبذلون محاولاتهم المستميتة لقهر من لم يستطيعوا أن يستغفلوهم حتى الآن.
من الذي فشل الإخوان المسلمون في استغفالهم حتى الآن؟ القضاء، والإعلام الشريف، والرموز السياسية الشريفة، والنخبة المثقفة الشريفة، ومعظم النساء، والشباب الواعي، والمواطن المصري الذي بقي على الفطرة ولم ينخدع بعباءة الدين، أو طول اللحى، أو لحن القول.
الخروج من الورطة: الحديث هنا ليس لمؤيدي النظام الحاكم الآن، فليذهبوا هم ويكملوا احتفالاتهم ومؤامراتهم لترسيخ قواعدهم وتعظيم مكاسبهم المسمومة، أما نحن الساعين لتحقيق أهداف الثورة الحبيبة فعلينا ما يلي:
1. الثقة والأمل في عون الله سبحانه وتعالى وقهره للخائنين. يبتلينا الله أحيانا، ولكن يده الرحيمة لا تفارق عباده المؤمنين المخلصين، وصدق جل جلاله إذ يقول: إِنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (الحج، 38)، وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ (الأنفال، 71). وصدقوني، الخائن يعلم نفسه.
2. الصبر والأمل والعمل، فمصر الحرة الآمنة الفتية، مصر الجديدة، جوهرة عظمى تستحق الصبر والفداء والعمل.
3. حملة المشاعل، حراس الحداثة، رموز الوطنية، دعاة الحكمة والموعظة الحسنة، شباب الثورة، نساء مصر الأحرار، العمال والفلاحون والمهنيون العاشقون لمصر وشعبها علينا جميعا أن نجاهد كل في مجاله آملا في رضا الله، وما أدراك ما رضا الله.
4. سيدي شيخ الأزهر: العدو الأكبر لشعبنا اليوم، والذي ألقى بنا في غياهب الجب التي نحن فيها الآن، هو استغفال الشعب بعباءة الدين وإقحام الدين في السياسة بطريقة منحطة. نريد رجالا مثل الشيخ أسامة الأزهري والشيخ أحمد كريمة وبقية زملائهم المهابين الأجلاء أن يبرزوا في الإعلام، وأن توافق سيادتك يا شيخنا فورا، وأستحلفك بالله وأستغيث بورعك وتقواك، على أن تقيم قناة إعلامية تسمى "المنبر الحق، أو منبر الأزهر"، أو كما تشاء سمها سيادتك. وأقسم بالله أن أتبرع لهذه القناة لو أقيمت على التبرعات والجهود الشعبية بمبلغ لن يقل عن 50 ألف جنيه. نحن يا شيخنا لابد أن نستغل "الميديا" أي وسائل الإعلام المتسع بكافة أشكاله، وكفى للجاهلين "الخوارج" لعبا بأرواح الشعب ونفوس العباد.
5. سادتنا البرادعي وصباحي وزملاؤهما الأحبة جميعا في جبهة الإنقاذ بوجهكم ومتحدثكم الإعلامي الجميل حسين عبد الغني، أرجو أن تزداد وتتوطد وحدتكم، فأنتم أمل الشعب في الآلة السياسية التي تتحكم في قيادة الوطن وشعبه. أنتم أعلم بتكنولوجيا السياسة وألاعيبها دون الانحطاط الخلقي الذي لا نقبله أبدا ثمنا للانتصار السياسي الرخيص. من يريد منكم الانفصال والإدلاء بمبادرات خاصة به فليترك هذه الجبهة لتبقى هي كتلة صلبة وطنية ثورية متحدة. وأتمنى أن تندمج أحزابكم في حزب واحد، أو اثنين على الأكثر.
6. قضاة مصر العظام، لا أدري ماذا أقول لكم؟ سأقولها بطريقة غريبة جدا، وأترك لكم أن تستنبطوا ما بذهني نحوكم. أولا، أنا كنت غير معجب بالمستشار الزند، ولكني أعتبره الآن بطلا ومجاهدا. ثانيا: كنتم أيها القضاة تتقاضون أجورا أقل مما كان يتقاضاه أساتذة الجامعات قبل عقود قليلة، ونجحتم في مساواتكم بكادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ثم أصبحتم الآن تتقاضون أضعاف أضعاف ما يتقاضاه الأساتذة. الآن، وأنا أحد أعضاء هيئة التدريس الجامعيين، أقر وأعترف، بل وأطالب لكم بالمزيد والمزيد، فأنتم ضمير هذا الوطن وحماة العدالة وانضباط الميزان. الجهاد الجهاد من جانبكم وأنتم تواجهون هذه المذبحة الرخيصة ونحن معكم، أمامكم، ومن ورائكم.
7. أما أنتم يا شباب مصر بمن فيكم شباب الإخوان، والسلفيين، فنحن يا أحبتي لا نريد إلا دولة قوية محترمة تعيشون فيها برفاهية وأمان، تعبدون ربكم وتعمرون دنياكم، دولة تبنى على الأخلاق والقيم الإنسانية العالمية، دولة تتحدث بلغة العصر والعلم والتكنولوجيا، بلغة النانوتكنولوجي والبيوتكنولوجي والتقنية المعلوماتية والاندماج النووي وتقنية الفضاء، وما إلى ذلك. خذوا بأيدي زملائكم المخدوعين بفقه البداوة والنكوص إلى عصور الظلام. عضدوا جبهة الإنقاذ، فللأسف الشديد إن الاستقرار والرشد السياسي لابد أن يتحققان ومن قبلهما الرشد المجتمعي والتحاب الوطني قبل أن ننخرط في الرشد والتقدم الاقتصادي والعلمي. والآن وقد عاد نظام مبارك بغطرسته واستبداده، فإيانا أن نعود نحن كشعب إلى حالنا آنذاك، كل منا يساق في خندق "يقزقز" فيه ما فاء به عليه الزمان من فتات طعمه علقم، متجرعا إياه بماء أجاج.
نجح الإخوان المسلمون في استغفالنا بالخضوع لمصلحة أمريكا وتابعتها إسرائيل، ونجحوا كذلك في خداع المجلس العسكري، ونجحوا في رشوة الفلول، ونجحوا كذلك في استغفال الشعب بالدين تارة وبالرشوة المقنعة بل والسافرة تارة أخرى، ونجحوا كذلك في رشوة كثير من المثقفين (وهذا بالذات هو الذي يعصف بى حزنا وألما وضيقا)، ونجحوا كذلك في استغلال الشرطة، ونجحوا كذلك في استغلال قطر وأمثالها، والآن هم يبذلون محاولاتهم المستميتة لقهر من لم يستطيعوا أن يستغفلوهم حتى الآن.
من الذي فشل الإخوان المسلمون في استغفالهم حتى الآن؟ القضاء، والإعلام الشريف، والرموز السياسية الشريفة، والنخبة المثقفة الشريفة، ومعظم النساء، والشباب الواعي، والمواطن المصري الذي بقي على الفطرة ولم ينخدع بعباءة الدين، أو طول اللحى، أو لحن القول.
الخروج من الورطة: الحديث هنا ليس لمؤيدي النظام الحاكم الآن، فليذهبوا هم ويكملوا احتفالاتهم ومؤامراتهم لترسيخ قواعدهم وتعظيم مكاسبهم المسمومة، أما نحن الساعين لتحقيق أهداف الثورة الحبيبة فعلينا ما يلي:
1. الثقة والأمل في عون الله سبحانه وتعالى وقهره للخائنين. يبتلينا الله أحيانا، ولكن يده الرحيمة لا تفارق عباده المؤمنين المخلصين، وصدق جل جلاله إذ يقول: إِنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (الحج، 38)، وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ (الأنفال، 71). وصدقوني، الخائن يعلم نفسه.
2. الصبر والأمل والعمل، فمصر الحرة الآمنة الفتية، مصر الجديدة، جوهرة عظمى تستحق الصبر والفداء والعمل.
3. حملة المشاعل، حراس الحداثة، رموز الوطنية، دعاة الحكمة والموعظة الحسنة، شباب الثورة، نساء مصر الأحرار، العمال والفلاحون والمهنيون العاشقون لمصر وشعبها علينا جميعا أن نجاهد كل في مجاله آملا في رضا الله، وما أدراك ما رضا الله.
4. سيدي شيخ الأزهر: العدو الأكبر لشعبنا اليوم، والذي ألقى بنا في غياهب الجب التي نحن فيها الآن، هو استغفال الشعب بعباءة الدين وإقحام الدين في السياسة بطريقة منحطة. نريد رجالا مثل الشيخ أسامة الأزهري والشيخ أحمد كريمة وبقية زملائهم المهابين الأجلاء أن يبرزوا في الإعلام، وأن توافق سيادتك يا شيخنا فورا، وأستحلفك بالله وأستغيث بورعك وتقواك، على أن تقيم قناة إعلامية تسمى "المنبر الحق، أو منبر الأزهر"، أو كما تشاء سمها سيادتك. وأقسم بالله أن أتبرع لهذه القناة لو أقيمت على التبرعات والجهود الشعبية بمبلغ لن يقل عن 50 ألف جنيه. نحن يا شيخنا لابد أن نستغل "الميديا" أي وسائل الإعلام المتسع بكافة أشكاله، وكفى للجاهلين "الخوارج" لعبا بأرواح الشعب ونفوس العباد.
5. سادتنا البرادعي وصباحي وزملاؤهما الأحبة جميعا في جبهة الإنقاذ بوجهكم ومتحدثكم الإعلامي الجميل حسين عبد الغني، أرجو أن تزداد وتتوطد وحدتكم، فأنتم أمل الشعب في الآلة السياسية التي تتحكم في قيادة الوطن وشعبه. أنتم أعلم بتكنولوجيا السياسة وألاعيبها دون الانحطاط الخلقي الذي لا نقبله أبدا ثمنا للانتصار السياسي الرخيص. من يريد منكم الانفصال والإدلاء بمبادرات خاصة به فليترك هذه الجبهة لتبقى هي كتلة صلبة وطنية ثورية متحدة. وأتمنى أن تندمج أحزابكم في حزب واحد، أو اثنين على الأكثر.
6. قضاة مصر العظام، لا أدري ماذا أقول لكم؟ سأقولها بطريقة غريبة جدا، وأترك لكم أن تستنبطوا ما بذهني نحوكم. أولا، أنا كنت غير معجب بالمستشار الزند، ولكني أعتبره الآن بطلا ومجاهدا. ثانيا: كنتم أيها القضاة تتقاضون أجورا أقل مما كان يتقاضاه أساتذة الجامعات قبل عقود قليلة، ونجحتم في مساواتكم بكادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ثم أصبحتم الآن تتقاضون أضعاف أضعاف ما يتقاضاه الأساتذة. الآن، وأنا أحد أعضاء هيئة التدريس الجامعيين، أقر وأعترف، بل وأطالب لكم بالمزيد والمزيد، فأنتم ضمير هذا الوطن وحماة العدالة وانضباط الميزان. الجهاد الجهاد من جانبكم وأنتم تواجهون هذه المذبحة الرخيصة ونحن معكم، أمامكم، ومن ورائكم.
7. أما أنتم يا شباب مصر بمن فيكم شباب الإخوان، والسلفيين، فنحن يا أحبتي لا نريد إلا دولة قوية محترمة تعيشون فيها برفاهية وأمان، تعبدون ربكم وتعمرون دنياكم، دولة تبنى على الأخلاق والقيم الإنسانية العالمية، دولة تتحدث بلغة العصر والعلم والتكنولوجيا، بلغة النانوتكنولوجي والبيوتكنولوجي والتقنية المعلوماتية والاندماج النووي وتقنية الفضاء، وما إلى ذلك. خذوا بأيدي زملائكم المخدوعين بفقه البداوة والنكوص إلى عصور الظلام. عضدوا جبهة الإنقاذ، فللأسف الشديد إن الاستقرار والرشد السياسي لابد أن يتحققان ومن قبلهما الرشد المجتمعي والتحاب الوطني قبل أن ننخرط في الرشد والتقدم الاقتصادي والعلمي. والآن وقد عاد نظام مبارك بغطرسته واستبداده، فإيانا أن نعود نحن كشعب إلى حالنا آنذاك، كل منا يساق في خندق "يقزقز" فيه ما فاء به عليه الزمان من فتات طعمه علقم، متجرعا إياه بماء أجاج.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate