بقلم / سامي محمد الأسطل
تذكرنا الخطوات السريعة التي يتخذها الرئيس الجديد لفك الارتباط الشخصي الدقيق والحرج بين الحكم والمصالح الشخصية والامتيازات الرئاسية بالرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر 1977-1981م عندما دخل البيت الأبيض وقام بحملة تقشف كبيرة لأقوى دولة عرفها التاريخ في كل النواحي الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية وغيرها حيث قام بإطفاء المكيفات داخل البيت الأبيض وتقيلص النفقات ....الخ, والغريب أن كارتر عندما ترك رئاسة البيت الأبيض قام بامتشاق حزام العمل على وسطه وعلق فيها المطرقة ووضع داخلها بعض المسامير ليمارس هوايته في صناعة الأكواخ الخشبية بجانب زراعة الفستق.
في هذه المقاربة وضع الرئيس المصري الجديد محمد مرسي الكثير من القيود على نفسه مسقطا مصالحه الشخصية من أجل ترسيخ عوامل نجاحه كرئيس وحزبه كمؤسسة سياسية ناجحة وناخبيه كآمال مرتقبة فقال: بأنه لن يقيم في فيلا السلام المجاورة للقصر الرئاسي الذي لن يكلف أجهزة الأمن الكثير من العناء والاحتياطات الأمنية لاسيما وأنها مجهزة بكافة الاحتياطات الأمنية والأجهزة ذات الاختصاص, كما أنه قال بمنع تعليق صوره في الأماكن العامة التي كانت رمز شخصنة الدور المؤسسي للدولة والتي اشتق منها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر 1973-1977م شيفرا التعامل مع المنطقة العربية التي تختزل فيها كل المؤسسات في شخص الرئيس أو الملك أو الأمير, وناشد الرئيس جميع المؤسسات والشركات إلى توجيه نشر التهاني لصالح الخزانة العامة
وقد طلب الرئيس محمد مرسي من الأمن تقليل أعداد السيارات داخل الموكب الرئاسي وذلك لقطع سبل الجلبة والقيل والقال حول هالة الموكب المفضية في نهاية المطاف إلى كراهية الناس للرئيس الذين يمثلون شراكة الثورة, واللافت أيضا في هذا الإطار إعطاء التعليمات بعدم عرقلة الموكب للمرور واستفزاز المارة من المواطنين العاديين.
يتقاضى رئيس الجمهورية العربية المصرية ذات التسعين مليون نسمة راتبا يبلغ 1650 دولارا أمريكيا كموظف حكومي، إضافة إلى المكافآت والحوافز والبدلات الخاصة بالمنصب، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتقاضى أي مرتب أو مكافأة أخرى, وبالرغم من ذلك إلا أن محمد مرسي تبرع براتبه لصالح الحكومة المصرية ضمن السعي الحثيث لإثبات صدقية ونجاعة التجربة الأولى للرئاسة من حيث الخلفية الحزبية والعملية الديمقراطية.
ويضاف أيضا بدل تمثيل الدولة وهو ما يضاف إلى الراتب الشهري بواقع 2000 جنيه أي ما يعادل 330 دولار أمريكي، ومن ثم يصبح الراتب الشهري للرئيس 8 آلاف جنيه، أي1320 دولار إضافة إلى أن الرئيس يتقاضى نقدا من مخصصات الرئاسة أو من بند الأجور في الموازنة العامة، بدلا عن كل الإجتماعات التي يعقدها، إلى جانب بدل إنتقال عن كل تحركاته، سواء الرحلات الداخلية أو الخارجية ، وهي مدفوعة بنسبة 100 بالمئة من ميزانية الدولة، وذلك بواقع ثلث تكلفة السفرية، كمصروف جيب، أي أن راتب الرئيس الجديد لا يتجاوز 10 آلاف جنيه (1650 دولار).
كان راتب رئيس الجمهورية المصرية قبل ثورة 25 يناير غير محدد وغير معلوم ومن المحرمات معرفة ذمته المالية ولا حساباته البنكية أو مصادر الثراء المتعددة، وذلك بسبب قوة النفوذ التي كان يتمتع بها الرئيس السابق لمصر وتكريس كافة الصلاحيات في يد الرئيس وغياب المعارضة الحقيقية وحيادية الإعلام بل وحدة الإعلام وتخصيصه للرئيس إضافة إلى ظهور طبقات المنتفعين والمتملقين والمتزلفين والمداهنين وفتح الطريق أمام هذه الفئات وعدم لجمها.
في نهاية المطاف هذه الأقوال تؤكد بالصورة العملية أهمية التداول السلمي للسلطة على كل النواحي لتكرس التنافس الحقيقي لإعلاء الوطن وخدمته وليس جعل الوطن بكل إمكانياته وموارده البشرية والمادية لخدمة الرئيس الذي لابد أن لا يخرج عن كونه موظفا كبيرا برتبة رئيس يخضع للرقابة والمحاسبة والمسائلة والاستجواب وحتى الإقالة والخضوع لإرادة الشعب, وأهم الخطوات للنجاح الحفاظ على تطبيق الوعود والمواقف وهذا محل الاختبار للنوايا الطيبة وترجمة الأقوال إلى أفعال لأن ذاكرة الشعوب لا تنسى.
0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:
إرسال تعليق
مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate