آخر الأخبار
Loading...
الخميس، 16 يونيو 2016

Info Post
بشير العدل يكتب/ التنظيمات النقابية والحياة السياسية فى مصر
فى النصف الثانى من حقبة سبعينيات القرن الماضى ، وتحديدا بدء من عام 1976 شهدت بلادى مصر تجربة جديدة ، أراد لها الرئيس الراحل أنور السادات أن تكون عنوانا للديمقراطية فى مصر ، وإيمانا من جانب السلطة الحاكمة بالمعارضة ، وبالرأى الآخر ، فأسس للتجربة الحزبية الجديدة ، وقام بتحويل المنابر السياسية إلى أحزاب فى عام 1977 وهو العام الذى شهد ميلاد قانون الأحزاب ، لتظهر أحزاب "الأحرار الاشتراكيين" ممثلا لليمين ، و"التجمع الوحدوى" ممثلا لليسار ، و"الحزب الوطنى" والذى كان يمثل امتدادا للوسط ، ثم حزب "العمل الاشتراكى" حتى ظهرت بعد ذلك أحزاب أخرى غير أنها خرجت بأحكام إدارية أبرزها حزب "الوفد الجديد" بعد أن توقف مع بداية التجربة الحزبية.
وجاءت ممارسات الأحزاب لتبين أنها مجرد "ديكور" للديمقراطية خاصة فى الفترة التالية للزعامة وتحويلها الى مرحلة الرئاسة التى شهدت نزاعات أدت الى انشقاقات فى أغلب الاحزاب الأساسية مثل "الأحرار الاشتراكيين" و"العمل" ولم يبق بقوته سوى حزب الوفد رغم المشاكل التى يواجهها.
بجانب الأحزاب كانت التنظيمات النقابية ، والتى تمثل الجانب المدنى للأحزاب السياسية ، وقد أثبت الواقع أن التنظيمات النقابية ظهرت قوية خلال العقود الماضية بدء من الحقبة الناصرية حتى فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، وقد لعبت دورا هاما فى تغيير الأحداث فى مصر لما لها من قوة تفوق الأحزاب السياسية.
ولعل قوة التنظيمات النقابية تعود الى كونها تنظيمات تضم عضوية مهنيين وهم على اتصال مباشر بالأحداث ، مثل الصحفيين والأطباء والمهندسين والمعلمين ، ويضاف اليهم أيضا القضاه ، وجميعهم مشارك أساسى فى السياسة العامة للدولة ، ولعبت تنظيماتهم النقابية دورا مهما فى طبيعة الاحداث التى تتعرض لها الدولة.
غير أن ثمة تباين بين التنظيمات النقابية والأحزاب السياسية يبدو واضحا وهو أن الأحزاب والتى من المفترض فيها أنها تكون معارضة ، ولدت بطبيعتها مستأنسة باستثناء حزب "الاحرار الاشتراكيين" الذى أسسه مصطفى كامل مراد ، وهو من الضباط الأحرار وقد مارس المعارضة الحقيقية خلال فترة حكم الرئيس الاسبق حسنى مبارك من خلال صحيفته اليومية "الأحرار" الناطقة بلسان حال الحزب.
وبعودة الى التاريخ نجد أن الاحزاب فى فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتى وصل عددها الى حوالى 13 حزبا لم تكن تمارس المعارضة وتم اختزالها فى "هيئة التحرير" وكان لدى عبد الناصر تخوفا منها مما اضطره لحلها خلال فترة العزل السياسى عام 1953 ليعيد الرئيس الراحل أنور السادت تجربة احيائها عام 1976 بالصورة سالفة الذكر.
فلم تكن الأحزاب السياسية قوية وبدت النقابات أكثر قوة وتأثيرا حتى فى السياسة العامة للدولة ، خاصة النقابات المهنية العريقة.
فقد لعبت نقابة الصحفيين عبر تاريخها الممتد أدوارا بارزة فى تشكيل طبيعة الأحداث السياسية فى مصر سواء خلال حرب أكتوبر 1973 ، أو فى صنع السياسة العامة للدولة ، حيث ناضلت منذ نشأتها فى منتصف أربعينيات القرن الماضى ، وهو تاريخ انشائها الرسمى غير أن محاولاتها تعود الى عام 1909 حينما بدأ الشيخ على يوسف وأمين الرافعى وجبرائيل تكلا وغيرهم العمل النقابى ، ومارسوا نضالا ضد الاستعمار الانجليزى من أجل إنشاء نقابة للصحفيين تدافع عن أعضائها الذين لم يكن يتجاوز عددهم وقتها 100 صحفى.
كما كان لنقابة الصحفيين دورا تاريخيا فى مواجهة الرئيس الراحل انور السادات فى أحداث سبتمبر من عام 1981 وما تلاها ، حينما قام بتحويل أكثر من 26 صحفيا إلى هيئة الاستعلامات بسبب كتاباتهم عن اتفاقية السلام وخوفه من فشل حصول مصر على كامل سيناء بسبب مواقفهم المعارضة ، غير أن النقابة وقفت موقفا صلبا بقوة جمعيتها العمومية حتى أجبرت الرئيس السادات على التراجع فى القرار وتم إعادة الصحفيين إلى أعمالهم.
وفى فترة الرئيس مبارك خاضت النقابة معارك ضد قوانين سالبة للحريات ، حتى صدر القانون 96 لسنة 1996 لتنظيم الصحافة وإجبار الرئيس الأسبق مبارك على إبلاغ النقيب جلال عارف آنذاك ، وأثناء انعقاد الجمعية العمومية للنقابة ، معترضة على الحبس فى قضايا النشر وعلى القوانين السالبة للحريات ، بالغاء حبس الصحفيين فى قضايا النشر.
كما لعبت تنظيمات اخرى مثل نادى القضاه معارك ضد السلطة وكان منها قانون السلطة القضائية والمعركة الشهيرة فى عام 2005 ضد نظام مبارك ، والتى نشبت بعد تحويل القاضيين هشام البسطويسى ومحمود مكى للتأديب على خلفية تصريحات صحفية وكسب القضاه المعركة ضد سلطة مبارك.
والآن وبعد مرور عقود قاربت قرونا على ظهور التنظيمات النقابية ، فان التنظيمات النقابية فى الوقت الحالى أصبحت أضعف من أن تلعب دورا مؤثرا فى الحياة السياسية فى بلادى مصر ، وذلك يرجع – على الأقل عندى – لأسباب كثيرة أبرزها اختلاط عمل العديد من التنظيمات النقابية بالسياسة من ناحية وتهميش الجمعيات العمومية من ناحية ، ومن ثم الخروج عن مسار العمل النقابى ، والجنوح إلى العمل السياسى ، فكانت النتيجة ، زيادة مشاكل الأعضاء وتفاقهما ، وعدم الالتزام بضوابط كثيرة كانت سببا فى تراجع الدور النقابى ، الذى ترك آثارا سلبية على الأعضاء وعلى علاقتهم بالمجتمع ، وهو الامر الذى أدى إلى ضعف التنظيمات النقابية أداء ومواقفا مقارنة بالعهود السابقة ، ما يتطلب منها إعادة النظر والبحث فى مواطن الخلل والعمل على علاجه ، انقاذا للعمل النقابى حتى لا يلقى مصير الأحزاب السياسية.

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد