آخر الأخبار
Loading...
الاثنين، 30 مارس 2015

Info Post
سيادة الرئيس المحترم عبد الفتاح السيسي..
بعد التحية:
كاتب هذه الرسالة هو مواطن مصري تجاوز الثمانين من عمره وعاصر أحداثاً تاريخية عديدة في مصر وبقية الوطن العربي.
لقد صُدِمتُ بقراركم الاشتراك في ما يُسمَّى «عاصفة الحزم» التي أعتبرها عدواناً صارخاً على الشعب اليمني (وليس فقط على الحوثيين كما يغالط الإعلام)، وتدخلاً كبيراً في شئونه الداخلية.
إنَّ المساهمة في ما يسمي بعاصفة الحزم هي بمثابة تمكين النظام السعودي من استمرار هيمنته على اليمن لعقود والتي لم تسفر إلا عن إفقار شعبه وسلب إرادته الوطنية.
أما إذا كان هدف النظام السعودي هو حماية أمنه، فهذا يتطلب منطقياً مساعدة الشعب اليمني ومعاملته بالاحترام والأخوة الواجبة وليس بقصف مدنه.
كذلك في ما يتعلَّق بالأمن القومي المصري في باب المندب وقناة السويس، فالتهديد الحقيقي هناك يأتي من إرهاب القاعدة وأخواتها سواء في سيناء أو ليبيا أو سوريا، ومن الذين فجروا الجوامع وقتلوا الأطفال في صنعاء.
إنَّ حجة الوقوف مع الشرعية تتطابق تماماً مع الحجة الواهية التي استخدمها الرئيس السابق محمد مرسي للتملص والتهرب من الإرادة الشعبية الجارفة التي طالبت جيش الشعب المصري التدخل لإسقاط نظام مرسي المنحرف.
إنَّ تصوير الأمر وكأنه صراع طائفي يصب مباشرة في محاولات قوى الهيمنة الغربية تحويل الصراع العربي الصهيوني إلى صراع سني - شيعي أو عربي - إيراني. لقد كانت إيران الشيعية، تحت حكم الشاه الذي رفع العلم الصهيوني في طهران، صديقا حميماً لدول الخليج ولمصر السادات، فانقلبت إلى عدوّ يهدد أمن العرب بعد أن رفعت علم فلسطين (بدلاً من العلم الصهيونيّ)، وناصرت بقوة المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
انتخابنا لكم يجعلنا نتوقع منكم الاستماع للأصوات الناقدة والمعترضة على القرارات المصيرية مثل قرار اشتراك مصر في «عاصفة الحزم».
إنَّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر لا تعني تسليم مقدراتنا لأمراء الخليج والانحياز لهم ولمخططاتهم المعادية تاريخياً لمصر وتبنيهم سياسات مدمرة وتغذيتهم للإرهاب في دول عربية عريقة مثل سوريا والعراق.
إنهم هم الذين شجعوا وتواطؤا مع أمريكا لاحتلال العراق وليبيا وتدميرهما بموافقة جامعة الدول العربية التي أصبحت أداة يستخدمونها كما يشاؤون.
لقد خلقوا فراغا أمنياً واستراتيجياً في العراق، فملأته إيران.. فلماذا الشكوى الآن؟ ولقد تقاعسوا عن نصرة المقاومة اللبنانية والفلسطينية، فكيف تجوز لهم الشكوى إذا ما قدمت إيران الدعم والمساعدة للمقاومة.. فكان نصر 2006 في لبنان حصيلة إرادة المقاومة الصلبة قبل كل شيء. ما الذي منعهم من تقدم الصفوف لنصرة المقاومة؟ إنَّهم، بدل ذلك، تآمروا لإسقاط النظام الشرعي في سوريا كي يكشفوا ظهر المقاومة، وها هم الآن يرسلون طائراتهم لدكّ مدن وقرى اليمن بحجة دعم الشرعية.
نحن نربأ بكم سيادة الرئيس أن تزجوا مصر بقيمتها وعظمتها وثقلها التاريخي والجغرافي والشعبي في هذا التحالف المشبوه الذي تقف أميركا منه كمرشد عامّ، والذي تصفق له اسرائيل وتدعمه. ولا يمكننا أن نتناسى أن المعسكر المعادي لشعب اليمن يشمل «الإخوان المسلمين» في اليمن والذين صنفتموهم، وبحق، بالإرهابيين، ويشمل حكومة أردوغان التركية عضو حلف الناتو المعتدي على ليبيا. بالإضافة إلى كل ذلك فإن المعركة التي أطلقتها السعودية هي في النهاية معركة خاسرة؛ فالتفاف الشعب اليمني ووحدته وخبراته السابقة تضمن انتصاره.

إنَّ مصر باتخاذها موقفاً آخر، وهو عدم الانحياز في هذا الاعتداء، وتأهيل نفسها لتلعب دور الوسيط الذي يدفع بقوة تجاه الحوار والوساطة هنا في القاهرة. هذا هو الدور المطلوب من مصر في حدوده الدنيا لأنَّ الموقف الصحيح هو إدانة العدوان بكل قوة. مصر ليست للبيع والشعب يؤمن بكرامته ومستعد للجوع حفاظاً على كرامته كما أكدتم بأنفسكم. إنَّ النهج السابق في عهد الرئيس الأسبق مبارك، المتمثِّل باتخاذ مواقف غير مبدئية مقابل التغاضي عن الديون، لم يُجْدِ في النهاية.
نحن الآن في لحظة تاريخية تصنع الزعماء الوطنيين، ولهذا نناديكم للتراجع عن المشاركة الفعلية براً وجواً وبحراً في معركة ظالمة بحجج واهية، بل نناديكم للدفع باتّجاه وقف فوري لإطلاق النار والدعوة لحوار هنا في القاهرة عاصمة العرب ومركز ثقل الأمة العربية.
لقد نادينا علناً بدعم الشرعية الحقيقية في سوريا وإعادة العلاقات مع سوريا ودعمها في حربها للإرهاب، نفس الإرهاب الذي يهددنا ليس في سيناء وحدها بل في مدننا. وهو نفسه الذي ذبح أولادنا وأحفادنا المصريين في ليبيا وبناء عليه قمتم بضربة جوية ضد الإرهابيين مما أثار غضب الخليجيين ودفعهم للتطاول على مصر. ولكن هذا الإجراء السريع دعم ثقة الغالبية العظمى من شعب مصر بكم.
إنَّ الحزم الذي يليق بمكانة مصر هو حزم السيادة الوطنية وحزم القيادة ذات الرؤية التاريخية بعيداً عن أي شكل من أشكال التبعية، وها هي الشعارات التي يرفعها مواطنون يمنيون الآن تعبِّر عن ترحمهم على الزعيم جمال عبد الناصر.
إنَّ المستقبل، سيادة الرئيس، لن يكون إلا للمقاومة والصمود والتمسك بالسيادة الوطنية مهما كانت التضحيات البشرية والاقتصادية.
أ.د. محمد أشرف البيومي (أستاذ جامعي بالمعاش)
28 آذار/مارس 2015

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد