آخر الأخبار
Loading...
الخميس، 3 يناير 2013

Info Post

بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

"خلصونا عشان زِهقنا"، يَأَسَ، واستسلم الكاتب الشاب محمد فتحي وقال للإخوان الطائفيين (باستخدام مصطلح الدكتور يحي قزار) احكموا واتمكنوا زي مانتو عاوزين، وقال للسلفيين طبقوا الشريعة زي ما انتو عاوزين، وقال للمعارضة، وهذا هو ما يهمني، خلصونا يا معارضة. اتحدوا وخلو كلمتكم واحدة يحترمكم الشارع من أجلها، واتخلصوا من أراجوزاتكم واسمحوا لتعدد وجهات المعارضة وعدم رفض المختلف ولو كان أطهر وأشرف المعارضين لمجرد أنه يخلتف عنكم، وقَرًبُوا من الناس الذين زهقوا منكم ومش عاوزين تنطيطكم ونظرياتكم في الفضائيات وتخوينكم لمن يخونونكم.
وبعد يومين اقترح نفس الشاب الخلوق محمد فتحي في البرنامج الصباحي مع جيهان منصور أن تجلس المعارضة مع الشعب على القهاوي حتى يصلوا إليهم، وتعمل مع الحكومة من خلال المناطق المشتركة والحوار. هذه هي رؤيته للمعارضة.
بدايةً، المعارضة في السياسة، تعني النقد واقتراح الحلول. والمعارضة هي المناعة والقوة المانعة لظهور وترسيخ الدكتاتورية بالإضافة إلى محاولة تحقيق الحكم الرشيد. المعارضة يجب أن تكون كلمة مقبولة وأمرا مرغوبا، وألا تعتبر تثبيطا أو معارضة لمجرد المعارضة أو محاولة لقلب نظام الحكم. ومن ثم فهي من سمات الديمقراطية وخصائص الدول العصرية ومن نصوص الدساتير العالمية.
في أمريكا والدول المستقرة تقوم المعارضة بإصلاح أو تفعيل مسار إدارة الدولة من خلال نقاط فنية عميقة اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية. أما في الدول المضطربة وخاصة في حالة مصر المعاصرة بعد ثورة هائلة فالمعارضة تهتم بتحقيق أهداف الثورة وضبط أو استرجاع مسار الثورة وتحقيق الوفاق الوطني والسياسي قبل أن تُمْعِنَ في دقائق التنمية الاقتصادية وضبطها وتفعيلها كما تفعل الدول المستقرة.
الحكومة الحالية الملتحفة بعباءة الدين والمهووسة باستخدام الدين لتحقيق مآرب التمكين السياسي والسلطة والحكم لا تهتم بالوفاق الوطني وتحقيق مطالب الثورة. ومن هنا فمن واجب المعارضة، بل إن مهمتها الأساسية هي إما أن تجبر الحكومة الحالية على تحقيق مطالب الثورة، أو إن لم ترضخ الحكومة لذلك فعليها أن ترحل إما بإرادتها الحرة أو انصياعا لضغط الإرادة الشعبية. هذا هو بيت القصيد.
يمكن لمرسي أن يستقيل، أو على الأقل يمكنه أن يوافق على إجراء انتخابات رئاسية بعد الدستور الجديد حيث يتمثل هنا بسيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه الذي استمر في الخلافة ستة أشهر ثم تنازل لمعاوية قبل محاربته حقنا للدماء ووحدة للمسلمين. أما إذا رفض مرسي وجماعته إجراء انتخابات رئاسية جديدة، فعلى المعارضة أن تسعى للوصول للحكم من أجل تحقيق مطالب الثورة بكل سلمية وشرعية. والطريق إلى ذلك يتحقق من خلال الاعتبارات التالية:
1. المعارضة مسئولية كل من هو غير راض عن الحكم الحالي، ولذلك فالمعارضة عامة تشمل كل المعارضين بداية من صورها المنظمة إلى السلوك الفردي. جبهة الإنقاذ، الأكثر تنظيما، معارضة، والإعلامي في أداء رسالته معارضة، والفنان الكاريكاتوري إلى الفنان التلفزيوني الساخر، مثل باسم يوسف وهاني رمزي، معارضة، والشاعر الثوري معارضة، والإمام الثوري على منبره معارضة، والأم في بيتها ناصحة أبناءها معارضة، والفرد العادي ناصحا صديقه معارضة. إذن، كل الوطنيين الثوريين معارضون، وكلٌ مسئولٌ عن معارضته، ينصح المعارضين ولا يتخلى هو نفسه عن المشاركة الجادة في المعارضة.
2. المعارضة الشعبية (غير الحزبية السياسية) تتسم بالنقاء والإخلاص والتأثير الوجداني والعاطفي بالإضافة إلى التأثير العقلي. أما المعارضة السياسية فهي تختلط بشوائب عالم السياسة من مصلحية وانتهازية وأنانية على درجات مختلفة، إذ لا يمكن أن تكون معارضة البرادعي وحزب الدستور مثلا مساوية لمعارضة الدكتور سيد البدوي وحزب الوفد في هذا الشأن، كما لا يمكن أن تكون معارضة جبهة الإنقاذ مساوية لمعارضة شفيق في هذا الشأن أيضا.
3. المعارضة السياسية هي في النهاية التي تضع الأهداف (الأجوال) بين القائمين، أما المعارضة الشعبية فهي المُدَعًمة للمعارضة السياسية وصانعة تلك الأهداف. ومن هنا فلا يجب علينا أبدا، كشعب، أن نترك أمر المعارضة فقط لجبهة الإنقاذ قائلين اذهبي يا جبهة الإنقاذ أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون.
4. على جبهة الإنقاذ أن تتحد بقوة تستطيع أن تواجه قوة التخريب والانهيار الهائلة التي ينبئ بها حكم التيار الطائفي، وعليها أن تتذكر أن معظم الوطنيين الآن لا يغفرون لصباحي وأبو الفتوح رفضهم التوحد في الانتخابات الرئاسية الأولى، ونسوا دور المجلس العسكري والإخوان والقوى الخارجية والفلول في تحقيق المشهد السياسي المأساوي الحالي. وعلى جبهة الإنقاذ أن تضع الانتخابات البرلمانية القادمة وكيفية السيطرة عليها أول وأهم الأهداف المرحلية الحالية.
5. أما بالنسبة للمعارضة الشعبية فأود أن أسجل للتاريخ امتناني وامتنان مصر وشعبها للهيئات والشخصيات التالية أسماؤها: القنوات التليفزيونية المستقلة وخاصة أون تيفي، سيبيسي، دريم وأبطالها وخاصة ريم والإبراشي ومنى وريهام ويسري وخيري والليثي، وصحف التحرير والمصري اليوم والوطن والصباح والشروق، ومعظم كتاب هذه الصحف وغيرها وخاصة ابراهيم عيسى، علاء الأسواني، عبد الحليم قنديل، جمال فهمي، بلال فضل، وائل قنديل، جلال عارف، الخالدان البري وكساب، وعمر طاهر، ومحمد أمين، وابراهيم منصور، وحمدي رزق، ومحمد سلماوي، ونوارة نجم، وغادة شريف، وسليمان الحكيم، وابراهيم الهضيبي، وطارق الغزالي، وفاطمة ناعوت، والشعراء الأبنودي وحجاب وبخيت ونور عبد الله، ونجم، والقائمة ممتدة من أصغر فناني الثورة حتى المرحوم الحبيب عمار الشريعي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والتحية في النهاية للكاتب الكبير حسنين هيكل لمواقفه وآرائه الثورية التي قهرت شيخوخة السنين واحتفظت بنضارة الشباب في الوجه العتيق. لهؤلاء جميعا الذين يجمعهم أنهم شجعان مخلصون يعلنون مواقفهم رغما عن المخاطر المحتملة التي يواجهونها، يضعون أكفانهم على أكتافهم من أجل القيم السامية والأخلاق الإسلامية ومصر الحبيبة وشعبها. كم نغبطهم، وكم نحن ندين لهم، وأدعو الله سبحانه وتعالى ألا يكون لهم جزاء إلا الجنة رغما عن "ثرثرة عواجيز الفرح، ومن لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب".

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد