آخر الأخبار
Loading...
الاثنين، 14 يناير 2013

Info Post
نشرت يومية المصرى اليوم حوارا مميزا مع حمدين صباحى وضع يده على الجرح واجاب بعمق وصدق على اسئلة الساعة, ولان الحوار فى تقديرى يعد وثيقة سياسية فاننى انقله هنا فى انفراد مع خالص التقدير للزميلين عماد فؤاد
وعلاء سرحان

 وإلى نص الحوار:
جبهة الإنقاذ متماسكة حتى الآن.. لكن بعض الإسلاميين يتوقعون تفككها قريبا.. ما رأيك؟
- جبهة الإنقاذ موحدة، وستستمر، لأن هذه إرادة كل أطرافها، وهى تضم 12 حزباً إضافة إلى التيار الشعبى حتى الآن، لكنها من حيث المبدأ مفتوحة لانضمام آخرين إذا قبلوا بوجودها الحالى، لأن الجبهة تمثل واجهة سياسية متنوعة، ورغم هذا التنوع فإنها متفقة على الأساس الذى قامت من أجله، وهو مقاومة الإعلان الدستورى الذى مثل نقطة فاصلة فى مسار حكم محمد مرسى، ونقله من حاكم نختلف معه، ويمكن أن نمد له أيادينا لكى نعين مصر على تحقيق أهدافها إلى حاكم مستبد يريد الانفراد بالسلطة ويكرس لهيمنة جماعة على حساب المجتمع والالتزام بتنظيمه على حساب الدولة، وجبهة الإنقاذ حتى هذه اللحظة حازت درجة واسعة من القبول العام، رغم تفاوت وتعدد أطرافها، وتمثل ظاهرة جديدة فى أداء جماعى فى وقت تعلم فيه المصريون من تجارب كثيرة سابقة، وأهمها انتخابات الرئاسة، وتأكدوا أن وحدة بعض القوى كان يمكن أن تقدم نتيجة أفضل، وهنا يمكن القول إن وحدة الأطراف السياسية هى مطلب مجتمعى أكثر من مجرد إرادة للأطراف المكونة لها، وهذا المطلب المجتمعى هو أكبر ضمانة لاستمرار الجبهة.
■ ما المعركة المقبلة التى تركز الجبهة جهودها الآن لخوضها؟
- المعركة المقبلة المتفق عليها هى انتخابات البرلمان، وهدف الجبهة إتاحة الفرصة للشعب المصرى لتحقيق توازن القوى، وهذا الطلب يمكن أن يتحقق إذا استطاعت الجبهة أن تحصل على أغلبية مقاعد البرلمان وأعتقد أن حصول الجبهة بتكوينها الحالى - بغض النظر عن الطريقة التى ستتبعها لخوض الانتخابات - يمكن أن يقدم رسالة بضرورة وجود توازن قوى داخل مؤسسات الدولة، والمشهد السياسى والاجتماعى بعد صدور الإعلان الدستورى أعطى دلالات مختلفة عن الانطباعات الزائفة عن توزيع القوى فى مصر، وأثبت أن الشارع المصرى بعافيته، والدليل وقوفه فى ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية بمئات الآلاف.
■ كثر الحديث مؤخراً عن أسلوب الجبهة فى خوض الانتخابات البرلمانية بين القائمة والقائمتين.. أين الحقيقة؟
- سيكون للجبهة مرشح وحيد فئات وآخر عمال أو فلاحين فى كل الدوائر لأن من يحصل على 51% من الأصوات يفوز بالمقعد وفى القوائم الأمر مختلف لأنها تحصل على مقاعد تماثل نسبة الأصوات التى حصلت عليها ولهذا لا يوجد ضرر لأن تخوض جبهة الإنقاذ الانتخابات بقائمة أو بقائمتين، ونحن عندنا فرصة للاختيارين سنختار قائمة أو قائمتين على حسب حاجة كل دائرة على حدة بعد دراستها دراسة ميدانية من حيث القوى المدنية والسياسية فيها وعدد المرشحين وحجم الدائرة وغيرها، وإذا وجدنا أن تحقيقنا للهدف فى الحصول على أغلبية فى البرلمان أو أقلية لا يمكن تشكيل ائتلاف حكومى بدونها يخدمه النزول بقائمتين فى دائرة ما سنفعل، ولو كان تحقيق الهدف بقائمة واحدة سنفعل، خاصة أن الحديث عن قائمتين يستجيب لوجهات نظر حقيقية لدى شباب الجبهة ومن بينهم شباب التيار الشعبى الذين عبروا عن رأيهم، بأنه سيكون أكثر وأوضح وقدرتهم على خدمة المعركة الانتخابية ستزيد إذا كانت هناك فرص لتشكيل قائمتين، واحدة منهما تكون قادرة على ضمان اهتمام الشباب المنتمين للثورة، والأخرى ممكن أن تكون أيضا قادرة على أن تكسب أصوات القوى الأكثر محافظة وهى موجودة فى المجتمع ولا يمكن تجاهلها وربما يكون أسلوب القائمة أو القائمتين به مزايا للجبهة بما يحقق الفائدة ويخدم هدفنا فى الحصول على الأغلبية داخل البرلمان، ويمكن أن نسمى كل قائمة باسم مختلف عن الآخر، أو نطلق على قائمة جبهة الإنقاذ(ا) والأخرى جبهة الإنقاذ(2)، وفى كل الأحوال أيا كانت المسميات سيبقى معروفا تماما أن جبهة الإنقاذ موقفها موحد فى الفردى وفى حال الاستقرار على قائمتين سيكون هناك تنسيق وتفاهم بينهما.
■ كيف يمكن ضمان نزاهة الانتخابات التى ستجرى تحت إشراف حكومى فى وجود وزير للتنمية المحلية ينتمى لجماعة «الإخوان» وترقب لحركة محافظين جديدة يتردد أنه سيتم اختيارهم بعناية من الجماعة فى المحافظات التى تعانى الجماعة فيها من الضعف؟ وهل يمكن تشكيل حكومة محايدة لإجراء الانتخابات؟
- هذه قضية بالغة الأهمية وتناولها يجب أن يبدأ بالبحث عن إجابة لسؤال جاد وهو هل مصر فى هذه اللحظة بعد الاستقطاب الحاد الذى شهدته حول الدستور والإعلان الدستورى ومظاهرات المصريين التى وصلت مطالبها لإسقاط النظام وتجريده من شرعيته وإعلان القوى السياسية ومن بينها جبهة الإنقاذ أنها على خلاف معه، ستتفق على الضمانات لحسم المعركة بحيدة ونزاهة؟، خاصة أن الحكومة الحالية تعبر عن إحدى وجهتى النظر فقط، ومن الطبيعى أن الحريص على إجراء انتخابات نزيهة يجب أن يجعل الصندوق شفافاً وينأى بنفسه عن استخدام حكومة لفرض سطوتها وقوتها وأدواتها الإدارية للتأثير على الحيدة المطلوبة والحكومة فى ظرف الاستقطاب الحالى غير مؤهلة لأن تكون محايدة ولا يمكن ضمان انتخابات فيها القدر الكافى من النزاهة، وأنتظر من الرئيس أن يقول تعالوا نفض الخلاف على أسس موضوعية لمعالجة الاحتقان الدائم وأن ينفتح أمام مصر حوار جاد وطنى لحل مشاكلها خصوصا فى العيش والعدالة الاجتماعية وإزالة أسباب الفقر فى إطار ديمقراطى، وأعتقد أن بعض الأحزاب تستخدم الدين أكثر مما تخدمه، وحان الوقت ليقف المجتمع فى مواجهتها.
■ ما هو برنامجكم الذى ستطرحونه فى الانتخابات؟
- العدالة الاجتماعية قضية رئيسية فى البرنامج، وفى إطار تحالف الوطنية المصرية الذى نشأ قبل تكوين جبهة الإنقاذ كانت الأوراق الرئيسية للتحالف التى تم إقرارها فى وجود أحزاب التحالف ومنسقه العام الدكتور محمد غنيم، بها مشروع للعدالة الاجتماعية، وسنعرضه على بقية الأحزاب الجديدة التى انضمت لتحالف الوطنية المصرية فى إطار جبهة الإنقاذ الوطنى، والمشروع اعتمد على ورقة أساسية أعدها الدكتور أحمد السيد النجار، برؤية تنحاز لاقتصاد السوق الاجتماعية وتبتعد عن آليات السوق الحرة على طريقة مبارك أو الإخوان وبه تشجيع حقيقى لقطاع خاص وعام وتعاونى خال من الفساد، ويضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفقراء ودعما حقيقيا للطبقة الوسطى وللخدمات والصناعة والزراعة والتجارة.
■ كيف ترى التحالف الإسلامى الذى سيواجه جبهة الإنقاذ.. هل الإخوان بمفردهم أم الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية؟
- أريد أن أوضح أن الجبهة ليست مقصورة على القوميين أو اليسار أو اللبيراليين لأنه يوجد مكون رئيسى فى الفكر والسياسة فى مصر وهو الأحزاب الإسلامية وجبهة الإنقاذ من حيث المبدأ مفتوحة لهم كقوى مثل أى حزب آخر يريد أن ينضم ومفتوحة لهم كأفراد أيضا، والتيار الشعبى سيدفع بمرشحين من الدعاة والأزهريين ورجال الدين وغيرهم ليعبروا عن الوجه الدينى المستنير وكتعبير إجرائى لما نؤمن به كغيرنا من المصريين المتدينين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين وإننا كغيرنا من المسلمين حريصون على تطبيق الشريعة، وفى أحد الاجتماعات الأخيرة لجبهة الإنقاذ عرض الدكتور البرادعى أنه تحاور مع الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو خالد، وأنا رحبت تماما بانضمام الحزبين اللذين يمثلهما «أبوالفتوح» و«خالد» لجبهة الإنقاذ باعتبارها جبهة مفتوحة لا تريد أن تقسم مصر لما يسمون أنفسهم الإسلاميين وسواهم من غير الإسلاميين، لأنها تسميات زائفة ولا نراها عادلة، وخلافنا الرئيسى مع السلطة التى هى فى يد الرئيس المنتسب لجماعة الإخوان ودخولنا فى معارك مستقبلية معه ستكون حول من يدير هذا البلد باستبداد، لأننا مع حق الإخوان فى أن يكونوا قوة سياسية مشاركة فى الحكم لكن انفرادهم به كارثة عليهم وعلى الوطن الذى هو أكبر من أى فصيل يحكمه بمفرده.
■ لماذا رفضتم الحوار الوطنى الذى دعت إليه مؤسسة الرئاسة؟
- نحن فى جبهة الإنقاذ من أنصار الحوار وليس القطيعة، ولكن ما يجرى فى القصر الجمهورى ليس حواراً وطنياً وإنما يشبه طريقة مبارك فى جمع الأحزاب الهامشية ليدعى بها اتفاقاً وطنياً ووقتها كان مبارك يستبعد الإخوان من الحضور، وهم لا يدعون للحوار ويمنعوننا من حضوره بشكل مباشر، لأن المنع ليس بالضرورة أن يقول لك لا تأتى وإنما بدعوتنا بطريقة يعلم أنها لن تلقى قبولاً عندى، لأنها غير جادة أو خالصة النية أو مستوفية الشروط وهى ليست دعوة للشراكة وإنما دعوة للاستخدام ولن ندخل حوارا بهذه الطريقة.
■ ألا يمكن اعتبار وقوف الشارع فى وجه الإعلان الدستورى توازناً لقوى الشارع السياسى إلى حد ما؟
- نعم، وهذا التوازن تأكد فى لحظات الصدام، وما سمى إمكانية لجوء القوى الإسلامية للعنف، ثبت أنه مجرد وهم ومخالف للحقائق، بعد أن شاهدنا التوازن على الأرض بين الطرفين مثلما حدث أيضاً أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية ولم يستطع طرف وحيد السيطرة على الشارع أو الحديث بلغته سواء عند التظاهر السلمى، أو عند اللجوء للعنف ثم ثبت بصناديق الانتخابات أن هناك قدراً من التماسك والتوازن فى الجولة الأولى من الاستفتاء على الدستور، رغم أن قرار المشاركة والتصويت جاء متأخراً جداً بعد جدل طويل حول المشاركة أو المقاطعة، ولكن ثبت من المشاركة أن هناك أعداداً غفيرة من المصريين حتى ولو كانوا غير منظمين لديهم العزم الحقيقى على التصدى لانفراد الإخوان بالسلطة والنزوع للاستبداد الذى عبر عنه الإعلان الدستورى وطرح دستور دون توافق.
■ متى ينتقل هذا التوازن إلى مؤسسات الدولة خاصة البرلمان؟
- إذا كان هذا التوازن موجوداً بغض النظر عن حجمه، وفى ظل ما تشهده مصر من انقسام حقيقى، فإن أى أغلبية فيها ستكون ضعيفة وقليلة، وأى أقلية ستكون قوية وكبيرة، هذا يعنى أن هناك ضرورة لأن ينتقل هذا التوازن من الشارع إلى البرلمان وفقاً لدلالات نتائج الاستفتاء والسؤال الذى أطرحه على أى مواطن أقابله هل الأفضل أن تبقى مصر أسيرة طرف واحد يتحكم فى كل السلطات أم الأفضل أن يكون هناك توزيع لسلطات الدولة؟، المؤكد أن الإجابة الراشدة دون النظر للانتماء ستتجه إلى طريق التوازن فى القوى الذى يصب فى مصلحة المواطن بغض النظر عن انحيازاته السياسية، والسؤال الآخر هو.. هل البرلمان المقبل إذا جاء - وهذا غير منتظر - برئيس إخوانى للبرلمان ورئيس إخوانى لمجلس الوزراء، بالإضافة إلى رئيس إخوانى للجمهورية ورئيس إخوانى لمجلس الشورى، يعنى وجود 4 رؤساء لمؤسسات يتبعون جميعا مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين ويديرهم بمعرفته، وهو هيئة لم ينتخبها الشعب المصرى وغير ظاهرة ولا يمكن محاسبته فى أى إطار ديمقراطى، فهنا نحن نلقى بمصر خارج إطار دولة القانون، ونسلمها لجماعة لا يمكن التعامل معها فى حدود النصوص الدستورية أو القوانين، لأن هى نفسها جماعة غير موجودة فى إطار قانونى حتى نستطيع أن نحاسبها.
■ نحن على أعتاب الذكرى الثانية للثورة، فى وقت لم تحقق فيه كل أهدافها، فهل هذا يثير مخاوفك فى ظل وجود ضغوط اجتماعية واقتصادية ؟ وأين مشروع العدالة الاجتماعية لجبهة الإنقاذ؟
- أى مصرى يشعر بوجع الفقر، وأنام وأصحو لأجد نفسى مثقلا بهموم وأوجاع الفقراء وكيف يعيشون وإلى متى سيتحملون؟، وإذا انفجر غضبهم لن يصدهم أحد، تكلفة الانفجار الاجتماعى عند هبة الجوع باهظة على الدولة والمجتمع ولن تبقى على حكومة أو معارضة، لأن الناس هتسأل اللى بيحكمهم ليه ماوفرتش لينا عيشة كريمة، وهتسأل من يعارضون الرئيس معارضتكم عملت إيه عشان توفر لنا عيشة كريمة، والغضب الاجتماعى مشروع لأنه لا أحد يثور ترفا ولكن بسبب جوعه، ومصر فى ظل كل هذا الفقر الذى يتزايد والأسعار التى ترتفع وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وفى ظل غياب الرؤية والبرامج والأفكار من الرئيس وجماعته مهددة وهى تجلس على قنبلة موقوتة وضخمة.. قنبلة الجوع والفقر ومن واجبنا، حكاما ومحكومين، أن ننتبه أنه إذا انفجرت هذه القنبلة فلن يكون أحد بمنأى عن شظاياها، ويوم 25 يناير محمّل بمعنى عظيم جدا وهو الثورة بكل ما شهدته من أحلام وإحباطات أيضا من عدم تحقق أهدافها، وإذا وصفنا حالنا الآن، فنحن فى حالة ثورة لم تكتمل ولابد أن تستمر لحين اكتمالها، ولا أظن أن هذا الشعب مستعد للتخلى عن مطالبه فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ومن لديه إحساسان أحدهما متأجج يريد استكمال الثورة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء لأكثر الأشكال عنفا، والآخر محبط يريد الانصراف عن الثورة بأكثر الأشكال يأسا، أقول له إن الطريق الصحيح بينهما هو ما حدث فى ثورة يناير وهو حضور جماهيرى واع ومنظم وسلمى دون يأس أو إحباط، والمشروع الاجتماعى لجبهة الإنقاذ فى جوهره يتضمن مطالب الثورة، بالإضافة إلى الديمقراطية والاستقلال الوطنى ومشكلتنا مع «مرسى» أنه لا ديمقراطى ولا بتاع عدل اجتماعى وأنا من الناس اللى كان عندها حسن نية فى الإخوان كجماعة منذ بداية عملى السياسى، وحتى صدور الإعلان الدستورى وليس حتى وصولهم للحكم، لأنى كنت وقتها أدافع عنهم وأقول إنهم ممكن أن يعملوا شيئاً جيداً لأننا جزء من مدرسة قومية لها خصومات مع الإخوان ومن يسار واسع يختلف معهم، كنت وسط أقرانى الصوت النشاز المدافع عن «الإخوان المسلمين» ضد كل الانتقادات الموجهة لهم بدرجات متعددة وكنت متهماً من أقرب الناس لى بأن رأيى فى «الإخوان المسلمين» يغلب عليه حسن الظن أكثر من التزامى بانتمائى السياسى، وعندما دعانى الرئيس مرسى للحوار معه قلت له بنية خالصة ما أعتقد أنه يفيد مصر، وكان صدور الإعلان الدستورى خطاً فاصلاً فى علاقتى معهم لأنه أسفر عن وجه استبدادى قبيح.
■ ألم تتوقع هذا السلوك من الرئيس؟
- كنت أتوقع أن يفضل الإخوان أنفسهم، لكن ثبت أنهم يفضلون أنفسهم وينكرون سواهم ولديهم اعتراف مغالى فيه بالذات وإنكار مغالى فيه للآخرين، وهذا يسرى على الجميع لديهم حتى أقرب حلفائهم وهم السلفيون، وكان لدى ثقة فيهم يشوبها بعض الاختلافات السياسية، ولكنها لا تكسر هذه الثقة، والإعلان الدستورى أفقدنى الثقة فى محمد مرسى وفى الإخوان، وفقدان الثقة مشكلة كبيرة لأنك ممكن تتعامل مع من تختلف معه لكنك واثق أن لديه ضوابط حقيقية تتوقع معها حدود ما يمكن أن يفعله تجاهك والإعلان الدستورى فاق كل توقع.
■ هل مقابلتك لمرسى كانت بداية لزعزعة الثقة بينكما؟
- لا، لأنى تصورت أنه لم يأخذ بنصائحى ومقترحاتى لأنه مازال يدرسها ويأخذ آراء غيرى ليطبق أفضل ما سمع، وإذا اقتنع قلت إنه يحتاج لأن يمهد الأرض فى جماعته أو مؤسسات الدولة أو إيجاد قبول مجتمعى لما سيقرره، ولكن المصيبة جاءت بعد هذه المقابلة التى كنت أتوقع أنه سيأخذ بعدها خطوة للأمام، خاصة أن الخلاف وقتها كان حول الدستور وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ومسودة الدستور المطروحة وقدمنا اقتراحاتنا بشكل قاطع، خاصة أن اللقاء لم يتطرق إلى المشكلات السياسية فقط، ولكنه تناول أيضا قضايا الفقر وغياب العدالة الاجتماعية وقلت له بطريقة تكاد تكون نصاً «لا تأخذ أفكار الإخوان فى العدالة الاجتماعية يا دكتور مرسى» لأن السياسة والرؤية الاقتصادية والاجتماعية لدى الإخوان تعتمد على آليات السوق الحرة، التى تنهش الفقير وتغنى الأغنياء، نحن نحتاج مشروعاً لسوق اجتماعية تجعل الدولة مسؤولة أمام الدستور والقانون عن حماية الفقراء والشعب ثار ضد مبارك لأنه اتبع السياسة نفسها التى يتبعها الإخوان، فلا يوجد فرق بينهما فى الرؤية الاقتصادية والاجتماعية، وأقول لمرسى إنك تجعل هؤلاء الفقراء أبعد ما يكونون عنك وعن الثورة التى أتت بك للحكم، وهو ما سيعود بالخسارة عليك وعلى الشعب وعلى جماعتك نفسها، لأن فشلك سيلتصق بها ولو الإخوان أنصفوا لنصحوك بالابتعاد عن هذه السياسة وأنا أقول لك نصيحة من صديق مخلص استقل عن الإخوان وخليك رئيس لكل المصريين.
■ لوكنت رئيسا الآن ماذا كنت ستفعل فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية؟
- رشحت نفسى للرئاسة وأنا أملك برنامجا بالفعل طرحته آنذاك لكن الرئيس الآن عليه أن يدعو لمؤتمر عنوانه المؤتمر الوطنى للعدالة الاجتماعية يحضره كل الأحزاب والنقابات وفلاحون وحرفيون وصيادون وموظفون وعمال، والرأسماليون أنفسهم الذى يريدون أن ينتجوا وعندهم شعور بالمسؤولية الاجتماعية ويجمع برامج كل المرشحين للانتخابات الرئاسية الماضية حول العدل الاجتماعى بشرط وضع جدول أعمال واضح للمؤتمر، وأن يعلن التزامه بتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه فى المؤتمر.. عند ذلك سنخرج مشروعا لكل مصر وليس خاصا بجماعة «الإخوان المسلمين» التى تشبه مبارك فى نظامها الاقتصادى، وهذا هو المدخل الذى يجعل كل المصريين يلتفون حولك ويكسبك ويكسبنى ويكسب كل المصريين، بمن فيهم الفقراء بتحقيق العدالة الاجتماعية وخلق حوار جاد حول جذب الاستثمارات وكيفية توزيعها وإعادة الانتاج ووسائله وغيرها وينقل الفقراء للطبقة الوسطى والطبقة الوسطى نفسها تطمئن لمستقبلها وفى هذا الوقت يمكن أن نشعر بإنجازات تطمئننا أنه بعد شهر أو سنة أو فى نهاية فترة الرئاسة أن أحوال البلد هتتصلح.
■ هل مرسى غير قادر على الخلاص من قبضة الجماعة أم أنه غير راغب فى ذلك؟
- يصعب على أن أحكم على دوافعه الداخلية لكن ما يسهل على أى مصرى توقعه بناء على تصرفات الرئيس طوال 6 أشهر من حكمه هو عدم قدرته على الخروج من قبضة الجماعة، سواء توفرت لديه الرغبة فى ذلك أو لم تتوفر، والنتيجة واحدة فى الحالتين ومشكلة مرسى - وهو معندوش مشكلة واحدة لكن عنده مشاكل كتيرة ربنا يعينه عليها - هى أنه فرق المصريين رغم أنه أول رئيس بعد ثورة عظيمة فى بلد عظيم.. وإذا لم توحد شعبك فمن أين ستأتى بالاستقرار والتنمية والعدل الاجتماعى وهذه مشكلة أولى لديه لم ينتبه إليها رغم أنى نبهته لها فى جلسة ومن لم تصله الكلمات فى جلسة هادئة ستصله رسائل الجماهير فى مظاهرات صاخبة ودم يسيل على أسوار القصر، ونتائج الاستفتاء تقول ذلك، خاصة أن الثلث وأكثر من ذلك لو كانت هناك نزاهة وكفاءة فى الحشد قالوا لا للدستور فمتى سينتبه مرسى وإذا لم ينتبه فما هو مصير هذه الدولة وهذا الشعب وهذه الثورة؟
■ البعض يرى أن الوضع يمكن أن يتصاعد ويصل إلى موجة ثانية للثورة فى 25 يناير المقبل بحدوث أعمال عنف ضد المتظاهرين السلميين من عناصر متطرفة أو من الشرطة بعد تغيير وزير الداخلية، فما هو تصرفكم فى هذه الحالة؟
- اكتمال الثورة له طريقان الأول عبر الميادين والثانى عبر صناديق الانتخابات ولا أحد يستطيع أن يحكم المسار الأول لأن موجة ثانية من الثورة ستكون رهناً بمدد ربانى لجماهير شعبية واسعة وليست رهنا بموقف سياسى لمجموعة من الشباب الثورى أو لسياسيين لأننى كنت أتشكك فى أن يكون حجم المتظاهرين بهذا العدد أمام قصر الاتحادية وهذا معناه أن هناك مخزوناً هائلاً فى البيوت المصرية التى تبدو ساكنة ويمكن فى لحظة أن تتدفق إلى طوفان فى الشارع ومهمتنا كسياسيين أن نتفاعل عندما تأتى موجة ثورية جديدة ومن يرى نفسه «صح» يعرف أنه تحت قيادة الشعب وليس العكس، أما المسار الثانى فيكون عبر الصناديق وهذه مهمتنا للإعداد والحشد والضغط لضمان نزاهة الانتخابات بما يحدد لك الطريقة التى ستحوز بها الأغلبية التشريعية وإذا أخفقنا فيه وجبت محاسبتنا لأننا مسؤولون، أما المسار الثورى فنحن جنود فيه ولسنا قادة له، وسنحاول النجاح فى المسار الثانى بالتجرد من الذات وتجاوز الخلافات الثانوية وعدم التقيد بالأيديولوجيات الحزبية ومصالحها الضيقة للفوز بالأغلبية فى البرلمان المقبل، وتهديدات بعض الأحزاب التى تأخذ الدين وسيلة لاستخدام العنف يوم 25 يناير المقبل يدخل فى إطار الجعجعة لأنهم لا يملكون أدوات عنف وإذا كانوا يمتلكون فغيرهم يملك أدوات عنف مضاد وأنا لا أعتقد أن الإخوان لديهم ميليشيات بالمعنى التنظيمى العسكرى لأنه كان لديهم وانقرضت وأداؤهم المتهافت فى العنف يفضحهم ولا يخدمهم وكانت الأوضاع تسير بسلمية حتى نزولهم عند الاتحادية والرأى العام أدانهم وورطوا الرئيس فى أكاذيب قالها فى خطابه بعد الأحداث حول وقائع ما حدث منسوبة لناس انتحلوا صفة النيابة للحصول على معلومات من المقبوض عليهم بالعنف والإكراه وأعطوها لرئيس الجمهورية بينما النيابة العامة لم تكن قد بدأت فى مباشرة تحقيقاتها التى أكدت فيها كذب ما قاله الرئيس بالإفراج عن جميع المتهمين فيما يعد فضيحة للرئيس نفسه الذى ورط نفسه فى هذا الأمر والإخوان هم من خسروا، وعندما دعوا لمليونية لنصرة المساجد أنا وافقت لأن هذا واجبنا ولما حولوها لتهديد بالعنف اكتشفنا أن من دعا إليها هرب من أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية والشباب السكندرى لقنهم درسا قاسيا لدرجة «سنجرى فرارا» وكل مرة «بتيجى على دماغه» لأن حصار مدينة الإنتاج الإعلامى ماذا أسفرت نتائجه وحصار المحكمة الدستورية العليا أيضا؟!، وعندما حاولوا الاعتداء على المخرج خالد يوسف خسروا أمام الناس لأنهم يمارسون بلطجة غير مقبولة وخسروا أكثر عندما حاصروا المقر الذى نحن به الآن وكذلك مقر حزب الوفد، وهذا معناه أن التكوين النفسى والأخلاقى والاجتماعى للمصريين يرفض العنف ويلفظه وتبقى هذه الحوادث فردية وظواهر لمجموعات محدودة لا تعبر عن الجماعة المصرية وصوت الناس هو الذى سينتصر وليس صوت السلاح، وإذا وقع عنف يوم 25 يناير المقبل سيكون أول الخاسرين هو الدولة التى ستفقد هيبتها وستضعف أجهزتها الأمنية ومؤسساتها وستكشف عن تفكك قبضتها وفشل الرئيس فى إدارتها والدم الذى سيسيل حرام على الجميع سواء كان دما إخوانيا أو غير إخوانى وسيكون معلقا فى رقبة رئيس الجمهورية وسيجرف مزيدا من شرعية مرسى التى تتعرض للتجريف يوميا منذ صدور الإعلان الدستورى وحتى الآن وهو الذى سيخسر فى النهاية.
■ متى يقفز الجيش للمشهد؟
- إذا اتسعت دائرة العنف لأن الجيش كمؤسسة تمثل قوة صلبة فى بنيان الدولة المصرية وهو محل احترام عام من الشعب المصرى باعتباره مدرسة للوطنية المصرية طول عمره ونحن نريد أن يكون دوره الرئيسى هو حماية أمننا القومى وألا يتدخل فى السياسة الداخلية ولكن متى يفعل الجيش ذلك، عندما يبقى التنافس السياسى على أسس ديمقراطية خالية من العنف وإذا حدث قفز على معايير القانون واللجوء للعنف وليس حوادث فردية سيكون ذلك استدعاء للجيش لحقن دماء المصريين وأعتقد أن ذلك هو الحافز لتدخل الجيش بشكل مسوغ اجتماعيا وسياسيا وأتمنى ألا نصل لهذه الحالة وما نناضل من أجله الآن أن تكون آليات التنافس السياسى هى السبيل الوحيد لتداول السلطة لنبعد الجيش عن الدخول كطرف فى الصراع، وسلمية مظاهرات يناير المقبلة ستكون رسالة قوية لتأكيد ذلك، وأقول للشباب المتحمسين للمسار الثورى فى 25 يناير المقبل إنه ليس هناك فصل بين استكمال أهداف الثورة فى الميدان واستكمالها عبر الصندوق الانتخابى وأذكرهم بأن الإخوان تركوا هؤلاء الشباب فى الميادين العام الماضى وذهبوا للاتفاق على مقاعد البرلمان وترتيب أصواتهم ودوائرهم فحصلوا على أغلبية البرلمان وأرجوهم أن يتعلموا الدرس، وإلا يكون البقاء فى الميدان على حساب التجهيز للبرلمان لأنه لا معنى لترك استكمال أهداف الثورة فى البرلمان اكتفاء بالمسار الثورى فقط.
■ لماذا قلت إن الإخوان لا يملكون ميليشيات عسكرية رغم ما تردد عما يسمى بالفرقة «95 إخوان»؟
- أعتقد أن ما يوجد لدى الإخوان الآن ليس تنظيما مسلحا مدربا قتاليا بالمعنى المعروف والذى عهدناه من قبل ولكن لديهم شباباً يملكون مهارات بدنية ولديهم معسكرات تدريب لكن لا يعنى ذلك أن لديهم ميليشيات بالتكوين الذى يجعله يماثل الجماعات المسلحة المنظمة التى تعمل بشكل عسكرى ممنهج.
■ الرئيس مرسى اتهم من يتحدث عن إفلاس مصر بأنه مفلس وبعدها ذهب للاقتراض من قطر، فما تفسيرك لهذا الموقف؟
- لا أحد يستطيع إنكار أن الأوضاع المعيشية والاجتماعية للمصريين تسير من سيئ لأسوأ، والأسبوع الماضى كنت فى زيارة لبلطيم ومعظم من تكلمت معهم لديهم انتقادات لأسلوب توزيع البوتاجاز بالكوبون وأنا قلت لهم بالعكس ذلك فى مصلحتك، ولكن الحقيقة أن الحكومة تعطى أنبوبة أو أكثر حسب نظام الكوبون ومن 2005 لم تسجل أى مواليد جدد على بطاقات التموين، والحكومة الحالية غير قادرة على حل مشاكل المصريين وكسب رضاهم وتفتقد ثقة القوى السياسية ولا أحد يراهن على قدرتها على الحل وكل يوم تدخل الحكومة اختبارات وتفشل فيها لأنها غير كفؤ و«الناس دى نيتها مش خالصة» ولو صفيت نواياهم فى مشاكل كثيرة ستحل وهناك تعبيرات كثيرة تقال فى الشارع حول ذلك الأمر مثل «عتبتها شؤم» و«قرفتها مش حلوة».
■ بماذا تفسر غضب البعض من لجوء مصر للاقتراض من قطر تحديدا؟
- لأن ما تفعله قطر فيه ما يستحق التقدير وما يستوجب الغضب، وما أقدره أنها تدفع أموالاً تسد عجزاً ولو كانت هناك إدارة رشيدة لساعدت فى حل مشكلة المواطن بتقديم خدمة له أو إعادة حق من حقوقه، وما أغضب منه أن قطر لا تقدم هذه المليارات للشعب المصرى وإنما لحكومة الإخوان ولا تقدمها وفاء لقدر مصر «اللى خيرها» على كل الوطن العربى بالذات مصر الناصرية، هو لا يعطينى لأنه يقدر قيمتى ولكنه يعطينى لتدعيم سلطة يختلف عليها كثير من المصريين، وقطر لديها هوى لدعم سلطة الإخوان وهى تلعب دوراً إقليمياً يرتبط بالمصالح الأمريكية وأقول لها إن ما يدفعه حكام قطر أنا كمواطن لا أشعر أنه يأتى فى إطار دورها كوكيل لأمريكا فى المنطقة العربية لدعم «الإخوان المسلمين» وتلاحظ أن الشعب المصرى يقبل هذه المنح على مضض لأنه شعب عنده كرامة و«حساس» وكرامة المصريين جُرحت عندما خرج أحدهم وقال صوتوا بـ«نعم» علشان يجيلكوا مليارات وكأننا نقبض ثمن الاستفتاء على الدستور، وهى رشوة انتخابية واضحة.

0 هل عجبك الموضوع ..اكتب رأيك:

إرسال تعليق

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

 
جميع الحقوق محفوظة لــ انفراد